قراءة وعرض لكتاب
تحولات الإسلاميين لمؤلفه وليد الهويريني @waleed1418
مُجَــ خَالد ــرّدُ
(@k_10mu)
بسم الله الرحمن الرحيم
[١]
[تحولات الإسلاميين] من لهيب سبتمبر إلى ربيع الثورات لـ وليد الهويريني
يقع الكتاب في ١٣٣صفحة من الحجم المتوسط،صدر سنة ١٤٣٣هـ
[٢]
الكتاب يقوم بعمل مسح سريع لأبرز التحولات بين صفوف الإسلاميين خلال العقد
المنصرم، وقد جعل من حدث أبراج التجارة نقطة البداية.
[٣]
قسّم المؤلفُ كتابه إلى خمسة فصول، تسبقها مقدّمة ثم مدخل، وفي نهاية
الكتاب عرض الخاتمة التي عَنْونَها بـ [المحطة الأخيرة]
[٤]
الكتاب كما يقول صاحبه:"عبارة عن محاولة متواضعة لتقديم رؤية تحليلية
لتحولات الإسلاميين في الداخل السعودي خلال العقد المنصرم"
[٥]
في المدخل عرضَ لأهم التحولات التي طرأت وقسّمها إلى:
تحولات سلبية، وتحولات ملتبسة، وتحولات إيجابية.
وأفردَ فصلاً لكل تحوّل.
[٦]
في الفصل الأول تحدث عن أبرز الأحداث التي مهّدت لتلك التحولات، وذكر منها:
تعثر مسيرة الصحوة في التسعينات(م)وبروز تيار العنف.
أيضاً من الأسباب رحيل الرموز الكبرى ومنهم الشيخين ابن باز وابن عثيمين
وكيف كان لوجودهم دور في إحداث توازن كبير في المجتمع.
[٧]
[٨]
ومن الأسباب حادثة ١١سبتمبر وكيف ركب موجه الهجوم على السلفية الخصوم
الليبراليون والطائفيون وغيرهم،مستغلين هذا الحدث لصالحهم.
[٩]
أثر حدث سبتمبر لدرجة:
"خلعت طائفة من السلفيين عباءة الداعية والمربي لتلبس عباءة الدبلماسي
السياسي الذي يقول الكلام ونقيضه"
[١٠]
من أسباب التحول أيضاً ضعف الالتزام الأدبي للرموز تجاه طلابهم وقاعدتهم
الشعبية، وكيف أن بعض سلوكياتهم تناقض أفعالهم.
[١١]
عدّ المؤلف الانفتاح المعلوماتي ونشوء جيل مابعد الصحوة من أسباب
التحول،وكيف توجّه البرامج لضرب المنظومة القيمية والأخلاقية.
[١٢]
من الأسباب أيضاً غياب التخطيط الاستراتيجي المستقبلي للمسيرة الدعوية،وذلك
بسبب الحرص على الحشد الكمي على حساب بناء الطاقات.
[١٣]
أما السبب الأخير فهو تركيز البعض على منهج الحفظ والتلقين في التعليم،
وكيف أن البعض يعاني هشاشة فكرية أمام الأفكار الوافدة.
[١٤]
الفصل الثاني تحدث فيه المؤلف عن التحولات السلبية للإسلاميين في السعودية،
راصداً أهم معالمها ومظاهرها والتي جاء فيها:
[١٥]
-قولبة السلفية بوصفها منتجا ثقافيا إقليميا،وأن دعوة الشيخ ابن عبدالوهاب
ارتبطت بالبيئة النجدية ولاعلاقة لها بالكتاب والسنة
[١٦]
-الإمداد العلمي والفكري للتيار الليبرالي، تمثل بتحشيد المجتمع ضد
المؤسسات الشرعية عن طريق القنوات الإعلامية المختلفة.
[١٧]
-[التطرف المسكوت عنه(التطرف المضاد)] ويُقصد به الكتابات الليبرالية
الخطيرة التي تتعدّى على الثوابت الشرعية وتتهجم عليها.
[١٨]
-أهم تلك التحولات التي عرّج عليها المؤلف وأطال الحديث عنها هو
ظهور[المجموعة التنويرية]فقد عرّفها وأوجز الحديث في أطروحاتهم
[١٩]
المجموعة التنويرية هم من نشؤوا في محاضن الصحوة الإسلامية وعاشوا عاصفة من
التحولات الفكرية، وظهروا للساحة بعد أحداث سبتمبر.
[٢٠]
"الفروق بين التنويرين هي فروق ذاتية وليست موضوعية، فهم يتفقون على قضايا
معينة...لكن ضوابط هذه القضايا وحدودها ذاتية"
[٢١]
أما أبرز أطروحاتهم الجديدة في الوسط الشرعي فتتمثل بـ:
١-تقديم النموذج الديمقراطي بوصفه النموذج الإسلامي المنشود.
[٢٢]
٢-الدعوة إلى حرية الرأي والفكر بما يتوافق مع الحرية الغربية.
٣-صياغة صورة"نمطية"سلبية للتيار السلفي، وهنالك عوامل ساعدتهم.
[٢٣]
ثم عرّج المؤلف على تقسيم التنويريين للإسلاميين في السعودية، حيث جعلوهم
بين [محافظين وهم عامة السلفية] و[إصلاحيين وهم =
[٢٤]
=التنويريين بالإضافة إلى أسماء عديدة ومتنوعة من العلماء والدعاةتم حشدهم
ضمن هذا التقسيم]في محاولة لتسويق الفكرة التنويرية.
[٢٥]
أخيراً ختم المؤلف هذا الفصل بوقفة [موجزة] استعرض فيها الحراك الإصلاحي
الجيد للمجموعة التنويرية ثم تلطّف بتوجيه النصح لهم.
[٢٦]
الفصل الثالث من الكتاب خصّه المؤلف باستعراض تحولات الإسلاميين
الملتبسة،وقصد بها التغيرات التي تباينت آراء المتابعين حولها.
[٢٧]
فبعضه يرى في تلك التغيرات-أي الملتبسة-نضجاً معرفياً وانفتاحاً
فكرياً،وبعضهم يرى فيها انتكاسة وتنازلا عن بعض معالم السلفية.
[٢٨]
أبرز معالم خطاب أصحاب التحولات الملتبسة من الإسلاميين يتمثل بـ:
١-غلبة العمومية والضبابية في المواطن التي تتطلب وضوحاً.
[٢٩]
وتجلّت تلك الضبابية في مجالات،منها:
-الصراع الفكري بين الإسلاميين والتنويرين.
فأصحاب التحولات الملتبسة أخذوا موقفا محايدا.
[٣٠]
-الخطاب المحايد بين المقاومة المشروعة ودعاة التسوية.
وكيف أن أصحاب التحولات الملتبسة يساوون في خطابهم بين الجاني والضحية.
[٣١]
-الحياد بين دعاة الشريعة وخصومها.
فأصحاب التحولات الملتبسة مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء،فاتخذوا من
الحياد موقفا لهم.
[٣٢]
ومن معالم خطاب أصحاب التحولات الملتبسة من الإسلاميين:
٢-طغيان لغة التعايش مع الطوائف الأخرى، لكنها تنحسر مع الشرعيين.
[٣٣]
٣-الإفراط في جلد المجتمع والاختزال في تصوير الواقع.
إلى درجة أن "أغرموا بالنموذج الغربي أكثر من الغربيين أنفسهم"
[٣٤]
٤-الاضطراب في عرض موقف المسلم تجاه غير المسلمين.
وقد أوجز الكاتب ذلك الاضطراب في مسارين:
[٣٥]
المسار الأول: الاستدلال بالنصوص الواردة في معاملة الكافر غير المحارب في
مقام بيان التصور العقدي عن الكافر.
[٣٦]
المسار الثاني: توظيف النصوص الواردة في التكريم الإلهي لجنس الإنسان في
تأصيل التصور العقدي عن الكافر.
[٣٧]
الفصل الرابع تحدّث فيه كاتبنا عن تحولات الإسلاميين الإيجابية،والتي
أجملها في ستة تحولات:
١-شيوع الاهتمام بالقضايا الفكرية.
[٣٨]
٢-تحقيق العديد من المسائل الشرعية والنوازل الفقهية تأصيلاً وتفصيلا.
٣-ازدياد مظاهر العمل المؤسسي في المجال العلمي والدعوي.
[٣٩]
٤-الفاعلية في المشاركة على شبكةالإنترنت.
٥-العناية بالخطاب النخبوي.
٦-مخاطبة قطاعات جماهيريةواسعة عبر فضائيات غير إسلامية.
[٤٠]
في الفصل الخامس والأخير تحدّث الكاتب عن أبعاد تحولات الإسلاميين مع
استشراف آثارها المستقبلية خلال مرحلة الثورات العربية.
[٤١]
فمن أبعاد تلك التحولات إضعاف ثقل الإسلاميين وخلخلة قدرتهم على الحشد
الشعبي، فظهر اضطراب غير متوازن عند بعض الرموز.
[٤٢]
ومن أبعاد التحولات أيضاً فك العزلة المجتمعية والوقاية الشرعية لعدد من
المفاهيم المنحرفة ورواد التغريب،فتسللت بعض المفاهيم=
[٤٣]
=المنحرفة لسببٍ أو آخر، على عكس ماكان عليه المجتمع السعودي سابقاً، وكان
تصدّي الإسلاميين-سابقا-لتلك الأفكار على مستويين:
[٤٤]
المستوى الأول:
الكتابة النقدية لتلك المفاهيم والأفكار الوافدة في ضوء أحكام الشريعة.
[٤٥]
المستوى الثاني:
الردود المباشرة لأبرز منظري المشروع التغريبي، وكشف أجندتهم الفكرية
للناس.
[٤٦]
أما بعد حادثة سبتمبر فقد اختلف أداء الإسلاميين،فمنهم من وقف مرحباً لتلك
المصطلحات والمفاهيم،ومنهم من تصدى لها وقام بنقدها.
[٤٧]
يذكر الكاتب بأنه كان الأجدى بالإسلاميين استبدال منهجية الرفض بمنهجية
التفصيل، وذلك لتلافي الآثار السلبية من هذا الانقسام.
[٤٨]
أيضاً مما اختلف بعد حادثة سبتمبر هو تصالح بعض الإسلاميين من الرموز
الفكرية الليبرالية، ويمكن تحديد معالم تلك العلاقة بـ:
[٤٩]
١-غلبة المجاملة والمديح المتبادل مع الكف عن تقديم أي آراء نقدية حول فكر
أولئك الرموز
٢-ثبات الرموز التغريبية على أفكارها.
[٥٠]
٣-انخفاض مستوى التدين فهما وممارسة في المجتمع، ويتمثل ذلك:
_تراجع وانتكاسات بين صفوف النخبة المتدينة
_إيجاد مسوغات للتراجع
[٥١]
_ضعف الاحتساب في العمل الدعوي، ويظهر ذلك بكثرة العمل الخيري بالأجر.
[٥٢]
ثم رصد الكاتب الانطباعات المختلفة حول الثورات العربية، بين من يراها
ثورات شعبية لأجل استرداد ماضاع من كرامتها،وبين النظرة=
[٥٣]
=التشاؤمية التي تتبنى المؤامرة في اندلاع الثورات وأنها بتخطيط غربي لأجل
ترسية مشروع إسلامي جديد في المنطقة.
[٥٤]
ثم تحدث عن الصعوبات التي ستواجهها الأحزاب الإسلامية في بلدان
الثورات،والتي اقتبسها من مقالة للعجلان، ومنها:
[٥٥]
"العامل الأول: الخلل في التسوية بين الحالة المثالية والوضع الاستثنائي،
فيعاملهما على اعتبارهما حالة واحدة"
[٥٦]
"العامل الأول:الاختلاف في مفهوم النموذج الإسلامي وحدوده"
بحيث ينفعي بعض الزائغين وجود نموذج إسلامي نظراً لاختلاف الناس فيه
[٥٧]
ثم يُفرّق المؤلف الهويريني بين حالتين سياسيتين:
الأولى أن يتبنى إسلاميون أنموذجاً سياسياً غربياً ولاينسبونه إلى الإسلام=
[٥٨]
=وبين ثانية يتبنى فيها الإسلاميون أنموذجاً سياسياً غربياً ويعلنون في
برامجهم ولوائح أحزابهم أنهم يستقونها من الإسلام!
[٥٩]
ثم تحدث عن صعوبة القراءات الاستشرافية التي توّجه إلى المجتمعات العربية،
بسبب ضعف البنية الإدارية والقانونية والسياسية.
[٦٠]
حاول المؤلف الخروج برؤية استشرافية للإسلاميين في السعودية، وقد لخصها في
مسارين:
[٦١]
المسار الأول:
هم المستوردون للنموذج الديمقراطي بحمولته الثقافية الغربية،وهم تنويريون
وإصلاحيون وناشطون و...
وهؤلاء تغذيهم:
[٦٢]
١-المنظمات الحقوقية والدولية والسفارات الغربية.
٢-رموز الطائفة الشيعية.
٣-النظم العربية الداعمة لحراك الثورات عبر قنواتها.
[٦٣]
المسار الثاني:
هم الإسلاميون والمثقفون المصلحون الذين يستهدفون تفعيل النظم والقوانين
المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية..
[٦٤]
يستدرك:
"لايفهم من استعراضي لأهم أفكار المسارين أن ثمة تياراً موجودا بقوة وزخم
شعبي يتبنى الإصلاح طبقا لهذا المسار أو ذاك"
[٦٥]
أخيراً وضع المؤلف خاتمة لكتابهِ أسماها: [المحطة الأخيرة..رياح التغيير
تأبى قولبة الإصلاح] وكان لهُ فيها ثلاث وقفات:
[٦٦]
الوقفة الأولى:
تحدث فيها عن ضرورة "بلورة رؤية إصلاحية لكل بلد عربي" بدلاً من الاستغراق
في تحليل بواعث الثورات وأسبابها.
[٦٧]
الوقفة الثانية:
تحدث فيها عن أن المشاريع الإصلاحية إذا تصادمت مع الخصوصية الثقافية
والدينية لأي شعب فإن فرص فشلها أقرب.
[٦٨]
الوقفة الثالثة:
تحدث عن منابع التأثير الشعبي ذات الخلفية الدينية ودورها بالتغيير،وأشار
إلى اختلال شعبية تلك المنابع، يصبح=
[٦٩]
=الطريق مفتوحاً بعض الشيء داخل المجتمع لإحداث حراك إصلاحي فاعل باتجاه
المطالبة بالحقوق الحياتية والمعيشية. ويحتاج عاملين:
[٧٠]
الأول:
الاجماع والاتفاق على المشروع والأنموذج السياسي الذي سيحقق لهم هذه
الحاجيات
الثاني:
الوحدة الوطنية لدى أبناء المجتمع
[٧١]
وبذلك ننهي هذا الاستعراض السريع والعرض الموجز لما حواه الكتاب، وسنكون
مع تغريدات عشوائية حول نقدنا لهذا العمل.
[٧٢]
يُحسب للكتاب أنه الرصد الأول من نوعه الذي يستعرض مسيرة الإسلاميين
وتحولاتهم من داخل المنظومة السلفية والبيت الإسلامي.
[٧٣]
يُحسب للكتاب أنه الرصد الأول من نوعه الذي يستعرض مسيرة الإسلاميين
وتحولاتهم من داخل المنظومة السلفية والبيت الإسلامي.
[٧٤]
هذا الرصد خلا من الإشارة إلى الفئات التي تم اعتقالها في السعودية بسبب
مطالبهم الإصلاحية، فغالبهم من الإسلاميين.
[٧٥]
من أكثر الأحداث سخونة بعد تفجيرات سبتمبر هو ظهور جماعات تنظيم القاعدة
بالسعودية وما أشعلوه ،ومع ذلك لم يتطرق لهم الكتاب.
[٧٦]
لم يتطرّق هذا الرّصد للجامية-وهي محسوبة على الإسلاميين-على الرغم من
أنها أكثر الفرق تحولاً تبَعاً لما تقتضيه مصلحة الحاكم.
[٧٧]
على الرغم من أن الكاتب تحدث عن التنويريين في صفحات إلا أن هذه الفرقة
تحتاج إسهاباً أكثر وتفصيلاً دقيقاً لمعالمها.
[٧٨]
تمنيتُ أن يُخصّص الكاتب فصلاً يتحدّثُ فيه عن الخطابات وسياقات النصوص
قبل حادثة سبتمبر وبعدها، حتى نقف بوضوح على التّحول.
[٧٩]
لم يتعرّض المؤلف لأي أسماء بالتصنيف، بل كان يُعالجُ حركات عامة وابتعد
عن تقسيمات الأفراد وهذا يُحسب له.
[٨٠]
استشراف المؤلف لمستقبل الحراك في السعودية لم يكن موفقاً فهو ليس
استشرافاً بمعنى الكلمة بل كان رصداً للأوضاع الآنية.
[٨١]
كما تمنيت أن يقحمَ المؤلفُ فصلاً عن الإعلام في السعودية وكيفية تعاطيه
مع الإسلاميين قبل حدث سبتمبر وبعده مستشهداً لذلك.
[٨٢]
على الرغم من كل ماذكرناه من نقد إلا أنّ الكتاب ثري جداً ومؤلفه وُفِقَ
كثيراً في عرضه، وأنصح بقراءته، فهو يضعك في الحدث.
[٨٣]
"إن الموقف الإصلاحي الحكيم يتطلب جهدا كبيراً من التسامي والتعالي على
إفرازات الخصام الفكري والاحتراب الكلامي"