|
بسم الله الرحمن الرحيم
١-هذه سلسلة تغريدات بعنوان: (هل ساحات الحوار وتبادل المعلومات في تويتر
وغيرها كلها بريئة؟)
٢-لا أظن أي عاقل ومثقف مهما كان صغيرًا أو كبيرًا ممكن أن يجيب: بنعم! لكن
فئات كبيرة جدًا عمليًا تتعامل مع تويتر وغيره على خلاف ذلك.
٣-وسائل التواصل الاجتماعية أشد خطورة وسرعة من المنتديات الحوارية
القديمة، ويجب أن تدرك أنها ليست بالضرورة انعكاسًا حقيقيًّا للواقع.
٤-وسائل التواصل أحيانًا تخلق صورة مختلفة تمامًا عن الواقع، وهذا هو أحد
الأهداف الرئيسة التي يحرص عليها بعض صناع الرأي العام في تلك الوسائل.
٥-هل تتوقع قوة بمثل هذا التأثير العظيم سوف تترك من قبل الدول العظمى
والإقليمية والأحزاب دون استقطاب وتأثير وتدخل لصناعة رأي عام يخدمها؟
٦-أيام التواصل القديمة كان يمكن لشخص واحد فقط أن يكوّن رأيًا عامًا
كاذبًا من خلال مجهوده الشخصي وانتحالاته المتعددة وبثه للمعلومات المتكرر!
٧-إذا كانت هذه هي قدرة شخص في ذلك الزمن، فكيف ستكون قدرة الدول والأحزاب
في خلق صورة مزيفة داخل أي مجتمع مستهدف وضحية لعملياتها الموجهة بدقة؟
٨-دولة إقليمية واحدة بإمكانياتها وخبرتها العميقة تستطيع أن تزرع البلبلة
الفكرية والثقافية داخل المجتمع الذي تستهدفه بآلاف الأسماء الوهمية.
٩-كم من حسابات لداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية والمتطرفة كشفت مصادفة
تنطلق من المنطقة الخضراء ببغدادأو من مرتكز بحثية من إيران؟
١٠-كم من الأسماء والمعوقات الوهمية الليبرالية "الأنثوية والذكورية" كشفت
المصادفة أنها تنطلق من إيران أو من مناطق معادية أخرى؟
١١-كم من هذه الأسماء يرفع شعار الدين والغيرة أو الجهاد أو التحرر أو
الوطنية ثم يبدأ باستهداف المؤسسات في بلدنا أو الشخصيات العامة المختلفة؟
١٢-هناك معركة خطيرة للأفكار إن كانت الشخصيات الحقيقية تديرها في تويتر،
فهناك مئات أضعافهم من الشخصيات الوهمية هي التي تدير التوجه والتحكم!
١٣-يدخل الإنسان في هذه الحوارات ليظن أنه الفاعل ولا يدوي أنه هو الضحية
أو الأداة التي تديرها "الرحى" ومن يقف خلفها، لتفتيت لحمة المجتمع.
١٤-هذه "الرحى الفكرية" الطاحنة تريد أن تكرهك في كل شيء، وتحقنك بالكراهية
والبغضاء، وتعميق صور الانقسام أمامك، حتى تظن أن لا اجتماع ووحدة!
١٥-هذه "الرحى الفكرية" الطاحنة لن تفيدك معلومات حقيقية، ولن تقدم لك
ثقافة متينة، بل مجرد خلق حالة بلبلة "وتيهان" متضخم، تظنه قناعة حقيقية!
١٦-هذا الكلام ليس تخمينًا أو توقعًا، فعلى سبيل المثال فقط: قبل عشر سنوات
بثت قناة خليجية في برنامج لها تعريفًا بأحد مراكز البحث في إيران.
١٧-مركز واحد فقط بعدة طوابق وبكوادر وإمكانات ضخمة وهائلة لمتابعة
الإنترنت ورصد حركته وتغيير قناعات الناس فيه وصنع جواسيس تحت اسم:
"المبلغين"
١٨-وهذا المركز كنتُ أتابعه قبل ذلك البرنامج، وأخبر عنه بعض الأصدقاء،
واستطعت أن انسخ أهم محتوياته قبل أن يقوموا بحذفها.
١٩-هذا المركز العقائدي الاستخباراتي هو مجرد واحد من عشرات تعج بها
المنطقة مئات يعج بها العالم والدولة المختلفة، نحن في الغالب ضحيتها
وهدفها!
٢٠-وظيفة مثل هذه الجهات المشبوهة بعد معرفة واقع الناس، الانطلاق منه
لتزوير الواقع وخلق صورة مزيفة لرسم صورة سودانية يائسة للواقع في العقول.
٢١-هل بعض الناس ساهم في نجاح تلك الجهات المشبوهة؟ نعم، ساهم في نجاحها
بطريقة مزدوجة: بمعارضتها أو بموافقتها، وهذا هدف لهم للإثارة والتفاعل.
٢٢-سؤال بسيط: الإنسان الذي يخدم وطنه ألا يفتخر بذلك ويشرف؟ فلماذا بعض
المجموعات والحسابات "الوطنية" وهمية؟ ألم تسأل نفسك هذا السؤال البسيط؟!
٢٣-الحسابات التي تظهر الغيرة والدين، لماذا وهمية؟ مع أن شخصيات حقيقية
صادقة وتكتب أعمق منها؟ لماذا التخفي؟ أهو هروب من القانون أم من ماذا؟
٢٤-الحسابات التي تظهر التحرر والليبرالية، لماذا وهمية؟ مع أن شخصيات
حقيقية تكتب بصراحة علنًا؟ فلماذا التخفي؟ أهو هروب من القانون أم من ماذا؟
٢٥-حسابات وهمية دينية ووطنية وليبرالية اتفقت على مهاجمة أصول الدين
والوطن وشخصيات معتبرة، وزادت نبرة الصراع والتشتيت! هل هذا صدفة محضة؟
٢٦-مجرد أن تدخل معها فإنك تورط نفسك في الدخول في الطاحونة لا هدف منها
إلا بلبلة الأفكار وتفتيت النسيج وزرع الكراهية وتحطيم النفسيات.
٢٧-حرب حقيقية للأفكار تريد تغيير الواقع من خلال تغيير الصورة الذهنية
أولا ومن ثم تترك لك أنت تغيير الوقع حسب الصورة الذهنية التي اقتنعت بها.
٢٨-السيطرة النهائية تبدأ بامتلاك الأرض، وامتلاك الأرض يبدأ بكسب ولاء
الناس، وكسب ولاء الناس يبدأ باقتناعهم بأفكارك= صاحب الفكرة هو المسيطر!
٢٩-حتى الدول العظمى تحب ألف حساب للأنترنت وخطورة تأثيره على مجتمعاتهم!

٣٠-فبواسطة الأفكار والمعلومات يمكن تدمير أقوى النظم السياسية والاجتماعية
والأخلاقية، وتفكيك أشد القيم تماسكًا. الحرب الحقيقية هي حرب فكرية!
٣١-وقد كنتُ قد كتبتُ سابقًا عن خطورة إهمال الأفكار خصوصًا من المختصين
ومن لهم قدرة على ذلك في مقال: عقولنا تحت القصف
https://saaid.net/arabic/208.htm
٣٢- في أي حرب تكرن فإنها تبدأ في العقول قبل ساحات الوغى بمدة طويلة...

٣٣-طيب والآن، بعد أن نعرف أن هذا حقيقة، ما هو دورنا؟ وما هو العمل؟ في
الحقيقة العمل ينقسم إلى ثلاث مستويات، بحسب الإمكانات والقدرات المتاحة.
٣٤-المستوى الأول: هو المستوى الأرفع والأهم والأخطر، وهو دور الدولة، وهذا
لا يتأتى إلا بوحود مراكز بحث مهنية حقيقية تدرس وترصد وتتابع وتكشف.
٣٥-المستوى الثاني: وهو خطر ومهم، هو دور المثقف العميق الواعي في نشر
الوعي وكشف المخططات وفضحها وتقديم الحلول والاقتراحات الصحيحة.
٣٦-وهذا هو الباحث البريطاني "إيزايا برلين" يوجه رسالة لك أيها المفكر
والمثقف الواعي وما هو دورك؟

٣٧-المستوى الثالث: وهو دوري ودورك أيها القارئ الفاضل الكريم، وهو دور
بالغ الخطورة وفاعل جدًا، وهو المحيِّد الفعلي لمخططات الجهات المشبوهة.
٣٨-أن نضع منجهًا نلتزم به ولا تحيد عنه، وهو أن لا نتفاعل مع أي "معرف
وهمي" -سلبًا أو إبجابًا- في كل ما يتعلق بقضايا المجتمع العامة.
٣٩-فلا يرتوت لها ولا تعمم تغريداتها، ولا يتفاعل معها بأي شكل من أشكال
التفاعل، وإنما يعمل على إماتت باطلها بتجاهلها، منا نحن عامة القرّاء.
٤٠-فالقضايا الحساسة والعامة يجب أن يجمد فيها كل تفاعل مع الأسماء الوهمية.
ويفتح باب آخر للتفاعل معها هو باب الملاحقة القانونية، لمحاصرتها.
٤١-هذا الوعي إذا نشر بيننا فأجزم بمشيئة الله أن هذه الأسماء والمعرفات
الوهمية سوف تفشل مهمتها وسوف تتقلص بطبيعة الحال، نحن نميتها أو نحييها،
٤٢-قـال شيـخ الإسـلام ابـن تيميـة: "الفتنة إذا ثارت عجز الحكماء عن إطفاء
نارهـا".
فالواجب على كل عاقل وأد موجبات الفتنة وأسبابها.
٤٣-وقال الحسن البصري: "إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت
عرفها كل جاهل".
٤٤-قلتُ: لا خير في علم أو ثقافة أو إحساس بالمسؤولية لا تخبرك بالفتنة إذا
أقبلت، والفتن إذا أدبرت فلن ينفع العلم بها، إذ العلم واقي للعاقل.
٤٥-وفق الله الجميع لكل خير، وجنبهم كل شر وفتنة، وجعلنا مفاتيح للخير
مغاليق للشر... وشكر الله لكم حسن تفاعلكم.