|
- لست بحاجة للحديث عن معاوية رضي الله عنه، فيكفيه أنه صاحب رسول الله صلى
الله عليه وسلم، و كاتبه.. وإنما سأشير بإيجاز إلى نقاط حول ولايته لقيادة
الأمة بعد عهد الخلافة الراشدة المتفق عليها بين المسلمين .
- فيكفيه أنَّه كان كاتبا للوحي في العهد النبوة الخاتمة، ثم والياً في عهد
الخلافة الراشدة ، ثم انتقلت إليه الولاية العظمى بعد عصر الخلفاء، بتداول سلمي
لنصب رئيس الدولة ، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحسن رضوان
الله عليه ، وتضمن ذلك ثناء على الصلح الذي يتسبب فيه ، والذي نتج عنه تداول
السلطة سلميا ؛ وذلك بقوله : (ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من
المسلمين) .
- وللأسف أنّ جلّ ما وقفت عليه من قدح في معاوية رضي الله عنه من المعاصرين، لا
يخرج عن: تأثر بالروافض ، أو تأثر بثقافة الثورة الفرنسية التي ثارت على
الاستبداد الملكي الكهنوتي النصراني.. ومن هنا تسلل القدح في معاوية رضي الله
عنه، تبعية وظلما وعدوانا ..
- ومما ينبغي معرفته : أن الخلافة والملك والإمامة ونحوها ، كلها ألقاب لصاحب
الولاية العظمى في شريعة الإسلام؛ وتتجلى حقائقها عقدية وتشريعية في التزامها
بحفظ الدين وسياسة الدنيا به ، وقد سبق التغريد في ذلك منذ بضعة أشهر ..
- ومما ينبغي أن يعلم : أنَّه لا ارتباط بين التوريث والملك بالضرورة، كما قد
يُظن ؛ بل الملك وصف لطبيعة الحكم الذي لم يكن بالاختيار في آليته، البعد عن
الأبهة في طبيعته . فمعاوية رضي الله عنه لم يرث الحكم ، بل انتقل إليه من
الحسن بن علي رضوان الله عليهم، كما أسلفت .
- وعليه ؛ فالملك في الإسلام ليس رديفا للاستبداد ، ولا توارثه ، كما يتصوره
الملوثون بالثقافة الغربية المادية؛ بل منه ما هو رحمة وعدل، ومنه ما هو
استبداد ظالم ؛ فمن الأنبياء من كانوا ملوكا كداود صلوات الله عليه، وقد امتن
الله بملْك عادل:(وآتاه الله الملك والحكمة).
- وقد كان ملك معاوية رضي الله عنه ، ملك رحمة ، فكم كفّ الله به من الشرّ في
مرحلته؛ بدليل الحديث الصحيح: "أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملكاً ورحمة..." ؛ وهو
أول ملك بعد عهد الخلافة أهـ
- تنبيه : يجوز تسمية مَن بعد الخلفاء الراشدين "خلفاء" وإن كانوا ملوكا، كما
في حديث : "وستكون خلفاء فتكثر" . ولأبي العباس ابن تيمية تفصيلات مهمة في ذلك
.
والله أعلم .
وكتبه/ سعد بن مطر العتيبي
عفى الله عنه
الرياض 9/1433