|
بسم الله الرحمن الرحيم
[ المجموعة الأولى : بِرُّ الوالدين ]
# أخي الشاب ، إذا كنت تشترط في برك لوالديك أن يكون أسلوبهم معك حسنًا ،
فهذه (مكافأة و معاوضة ) وليست ( بِرًا ) ، البرُّ الحقيقي يكون في الظروف
الصعبة .
# إذا رأيت من والديك تصرفًا استفزَّك وهممتَ بالتلفظ بعبارة استياء خشنة ،
فتذكَّر يومًا قد تحمِل أحدهما إلى المقبرة ، وتقرض أصابع الحسرة على كل
إساءة قلتها .
# أخي الشاب ، صحيح أن والدك كبير في السن ، وتصدر منه أمور يستغربها جيلك
، فحذار حذار ، رجوتك ! أن تتندر بتصرفاته ، حتى وإن ضحك مرة ، فإنها تجرحه
من الداخل .
# أخي الشاب ، أتسألني كيف تسعد والدك إذا جلست معه ؟
الجواب بكل اختصار : أشعره بأنه ( مرجع ) ، تأخذ رأيه ، وتستشيره ، وتُبدي
الاهتمام بحديثه ، وسترى الأثر .
# أخي الشاب ، من أخس وأقبح صور العقوق المعاصرة ، أن تتصل والدتك بجوالك
قد اشتعل بها القلق عليك ، وأن بين أصحابك ترى الاتصال وتصمت الجوال ..
أيليق هذا ؟
# أخي الشاب ، انتظرت والدتك بالسيارة أمام الباب فتأخرت هي قليلا ، فحدثتك
نفسك بإظهار الامتعاض ، فتذكر ليالي سهرتها عليك تمرضك وتمسح عنك الألم .
# أخي الشاب ، عندك ضيوف ، ولم تأت والدتك بالقهوة كما تريد ، فأحرجتك أمام
ضيوفك ، فرميت بعبارات خشنة .. بالله عليك أيكون الناس أغلى من أمك التي
أرضعتك ؟
# الأليق بتويتر الحديث العام ، ولكن استثناء سأحدثكم عن شأن شخصي :
يشهد الله أنني إذا رأيت شابا يخاشن والدته أنني تخنقني العبرة وأمسي
مهموما .
# كان لي صاحب خاص ، توفي والده ، فصلينا عليه ، ثم زرته في بيته ، فسلم
علي وعانقني وقال بصوت متهدج : لا أحزن من القدر ، ولكن أتحسر على فوات
البر به .
[ المجموعة الثانية : التذلل للوالدين ]
1 # سأعرض الليلة بين يديكم مشهد اجتماعي مرتبط بخطأ في التصور، اكتشفت خطأ
التصور من خلال مناقشة بعض المراهقين والشباب، ولاحظت بينهم "مبرر" مشترك.
2 # في أكثر من مرة أجد مراهقا يخاطب والده أو والدته بأسلوب "فظ"، إما
جوابا على سؤال والدته: (أين كنت؟) أو ردا على توجيه والده: (هدئ السرعة)
مثلا.
3 # ومن صور سوء الأدب مع الوالدين: عدم الرد على اتصالات الوالدة بالجوال،
وتركها تتلمظ، وخصوصا إذا كان الشاب شديد الحفاوة باتصالات زملائه.
4 # وأكثر صور سوء الأدب مرارة:حين ترى الشاب"يرفع صوته"على أحد والديه،هذه
التي لا يحتملها دين ولا مروءة،أقسم بالله أنني أغلي إذا رأيت هذا المشهد.
5 # وتلاحظ أنه تزداد فظاظة كثير من المراهقين أو الشباب في حالات
الاستيقاظ من النوم، أو حالات تعكر المزاج، أو حالات الانشغال بموعد مع
أصدقائه.
6 # وأما مشاهد البر فأكثرها جمالا وبهاء وجاذبية تسحر النفوس: أن ترى
الشاب مطرقا أمام والدته وهي تعاتبه، وهو يردد (سمّي..سمّي..) لا ينبس
بغيرها.
7 # فإذا انتهت والدته من عتابها قام وقبّل رأسها ومضى حتى تهدأ نفسيتها،
هذا المشهد يخلب الأرواح جلالاً ورب الوالدين.
8 # حتى أنني لا أحب أن يقول الابن كلمة، وأمه تعاتبه؛ غير كلمة (سمّي) ..
حتى لا يخدش جمال المشهد .. إنه (إطراق البررة أمام والديهم).
9 # حسناً .. أظن أنني استغرقت في رواية بعض المشاهد، دعنا نعود للموضوع
الأساسي، وهو تحليل التصور الخاطئ الذي تسبب في بعض مشاهد العقوق الشبابية؟
10 # الحقيقة أنني سبق أن ناقشت عدد من المراهقين والشباب وسألتهم: لماذا
يخاطب والديه بفظاظة؟ لماذا يرفع صوته؟ لماذا لا يطرق ويخضع ويصمت ويتأدب؟
11 # كان أكثر الأجوبة تكرراً هو أن الشاب يقول: أن والده أو والدته هو
الذي (ينرفزني) أو يقول: تلطفت لوالدتي لكنها تستمر في التذمر
والمعاتبة،الخ
12 # حسنا..هذا الاعتذار والتبرير الذي يقوله بعض الشباب يكشف تصور مسبق،
ويكشف فعلا أن هذا التصور المسبق من أسباب خلل السلوك، فما هو هذا التصور؟
13 # أظن أن التصور المغلوط المسؤول عن صور العقوق الشبابي: الخلط في نظام
العلاقات، وافتراض أن الوالدين يجب أن يتعاملوا مع الابن كما يعاملهم الابن
14 # باختصار شديد: كثير من الشباب يتعامل مع والده أو والدته كما يتعامل
مع صديقه: تحترمني أحترمك، ترفع صوتك علي أرفع صوتي عليك، وهكذا
15 # العلاقة بين(الصديق والصديق) هي علاقة(أنداد) وأما العلاقة
بين(الوالدين والابن) فهي علاقة(أدنى لأعلى)، كما في البخاري (ليس الواصل
بالمكافئ)
16 # هذا يعني أن الابن حين تقول له:لماذا ترفع صوتك على والدتك؟ فيقول لك
هي اللي تنرفزني، فهذا يعني أنه افترض أن أمه يجب أن تعامله معاملة الند!
17 # مفاهيم(التربية الحديثة)المستوردة من المجتمع الغربي فيها أفكار مبدعة
ومبرهنة علميا، لكن أيضا: فيها أخطاء فادحة ومنها(تحريض الابن ضد والديه).
18 # مفاهيم(التربية الحديثة)نشأت في بيئة غربية متخلفة عن هدي القرآن في
تعظيم حق الوالدين،ولم تستطع أن تتطور وتتقدم إلى المعدن الأخلاقي القرآني.
19 # قارن كيف تشحن التربية الغربية الحديثة الابن بأن من حقه مناقشة ورفض
أوامر والديه، وقارن ذلك بقول الله (واخفض لهما جناح الذل من
الرحمة)..شتان!
20 # هذه الآية تقفز لذهني مرارا وتكرار،ولا أسأم من التمعن في صياغتها
التي تفيد غاية الأدب حتى يصل لمرحلة "الذل" (واخفض لهما جناح الذل)..
أرأيت؟!
21 # تأمل كون الله أرسل الرسل وأنزل عليهم الكتب السماوية لبيان التوحيد
بسبب تعظيم الله وحبه له، ثم انظر كيف يقرن الله حق الوالدين بالتوحيد!
22 # التوحيد الذي أرسل الله به الرسل وأنزل الكتب يقرنه الله بحق
الوالدين:(وقضى ربك أن لا تعبدو إلا إياه وبالوالدين إحسانا)(أن اشكر لي
ولوالديك).
23 # تأمل الشعائر وكيف أن أعظمها الصلاة، وأنه لا كفر وقتل على ترك عبادة
إلا الصلاة، ومع ذلك يجعل النبي حق الوالدين بعد الصلاة كما في البخاري.
24 # تمعن منزلة الوالدين:في البخاري:(سألت النبي:أي العمل أحب إلى
الله؟قال:"الصلاة على وقتها"قلت: ثم أي؟ قال"بر الوالدين") الوالدان بعد
الصلاة!
25 # (الوالدان) فرصة استثمارية للمستقبل: تأمل (رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم
رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما؛ فلم يدخل الجنة)مسلم
26 # بل تذكر معي كراهية الله للشرك والمشركين، ثم تأمل كيف تعامل القرآن
مع الوالد الداعية للشرك، الشرك الذي يبغضه الله وأرسل الرسل لمحاربته.
27 # (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في
الدنيا معروفا)..يا ألله الأب"داعية شرك" ومع ذلك يأمر بمصاحبته بالمعروف!
28 # يأمر الله بالتلطف للوالدين حتى لو كانوا أعداء لله ذاته بدعوتهم
للشرك! فكيف بالله عليك سيكون حق الوالد المسلم المصلي ومنزلة بره عند
الله؟!
29 # يا رب أكرمنا وشرفنا وارفعنا ببر والدينا ، يا رب إن في نفوسنا شوقا
وشغفا لبر والدينا، اللهم اشف نفوسنا ببرهم،اللهم أثلج أكبادنا بالإحسان
إليهم.
30 # ما سبق كان بعض الخواطر حول أمر عظيم أدهشني تعظيم القرآن له وهو
(التذلل للوالدين)، وتصبحون على خير !