إلى كل فتاه ... رسالة هامه |
|
طه حسين أبو على |
بداية: أختي الفاضلة إن المصارحة
قد تكون مُرَّة الطعمِ ؛ لكن نتائجها محمودة وقد ذُقنا شُؤم دفن الأخطاء باسم
المجاملة ، فآمل أن يتسع صدركِ لسماع ما أقول.
أولاً : حكم لبس المرأة البنطلون :
ثانياًُ : حكم المرأة التي تخرج متعطرة :
ثالثاً : حكم المرأة التي ترقق حواجبها :
رابعاً : تبرج المرأة بصوتها أو مشيتها :
خامساً : التبرج المُقَنَّع :
سادساً : ماذا عن الوجه ؟ أختاه تخيلي بعض الملتزمات في عقلك ، واسألي نفسك هذا السؤال : ألا أستطيع أن أكون واحدة من هؤلاء ؟ كيف نجحوا وهم يعيشون في المجتمع نفسه ، ولهم شهوات وأمامهم عوائق كما أن لي شهوات وأمامي عوائق فقد كان العديد من الفتيات في طريق التبرج ثم منَّ الله عليهن بالهداية ؛ فتبدلت أحوالهن وتغيرت وسرن في رِكاب الصالحات الطائعات ، وربما كانت زميلة لك... فكيف ينجحن في اجتياز هذه العقبة وتفشلي أنت؟! ولماذا استطعن التوبة ولم تستطيعي أنت ؟ إن العوائق عند الكثير من الفتيات عن التوبة والالتزام ليس عدم الاقتناع ، بل هو شعور بعدم القدرة على التغير . أفلا تُعتبر هذه الفتاة الملتزمة نموذجاً لك ، ودليل على أن عدم القدرة لا يعدو أن يكون وهماً نصطنعه ؟!! فماذا يمنع أن تكوني أنت واحدة من هؤلاء ؟ وما الذي يحول بينك وبين ذلك؟ فأعيدي الحسابات ، وصححي الطريق ، ولا تكوني ممن تقتنع بخطأ طريقها وتتمنى التغيير ؛ لكنها تنتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب لها ، أو تُصاب بحادث فتَتَّعِظ ؛ فيهزها الموقف فيدعوها للتوبة!! ولكن ماذا لو كانت هي ذلك الميت فيتعظ بها غيرها ؟ أو كان الحادث الذي تنتظره ليردها إلى التوبة فيه نهايتها ؟!! أختي الفتاة ليس للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة ، فالأمر لا يحتمل المخاطرة . يقول الله تعالى : "إنما كان قول المؤمنين إذا دُعوا إلي الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون" النور 51 . فهناك غائب ينتظرك وليس له وقت محدد ، إنه الموت.. نعم الموت ، قد يأتي وأنت تأكلين أو تشربين أو نائمة، وربما وأنت تضحكين أو تلعبين... فاتقى الله ، فمهما تهربين منه فإنه ملاقيك "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم " ماذا أعددتِ له؟ .. ماذا عمِلتِ للفوز برضا الله؟ قولي لي بربك ..كيف ترتاح نفسك وأنت عاصية لله؟ أم كيف يطمئن قلبك ، أم كيف يرضى ضميرك عما أنت فاعلته؟!! أما استشعرتي عظمة الجبار؟! أما تخافين غضب القهار..؟!! نعم لقد أغضبت مولاك من أجل هواك ، من أجل أن يُقال فلانة جميلة .. وليكن ذلك فقد قيل . ثم ماذا . ثم تُلعنين ؟!! إلى متى وأنت في غفلة..؟ إلى متى وأنت تقولين غداً أتوب ! غداً أرجع إلى ربي ! غداً أخلع كل المنكرات و أقوم بكل الصالحات... !!! إلى متى ؟!! أختي
الغالية كوني شجاعة ولا تترددي ، اتخذي القرار ، واسلكي طريق الصالحات ، ولا
تغتري بكثرة الهالكات فعمل الناس ليس هو الحكم يقول الله تعالى:
"وإن تُطِع أكثر من في الأرض يُضلوكَ
عن سبيل الله" وقول الله تعالى :
"قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي
الألباب لعلكم تفلحون" 100 المائدة ،
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق" . أختاه... إن فيما أوضحته لك ما يكفي لإقناعك بالمنطق السليم الذي لا التواء فيه ؛ بأن اتباع شريعة الله تعالى لا يضمن لك بلوغ مرضاة الله فحسب ، بل هو يضمن لك إلى جانب ذلك تحقيق أسباب سعادتك الدنيوية كلها ، فقد بدا من النادر أن توجد امرأة مسلمة ترتدي الزي الإسلامي قد جاوزت سن الخامسة والعشرين دون زواج ، فالزواج سنة الله ، وما عند الله لا يُنال إلا بطاعته . أمَا وقد تبين لك كل ذلك ؛ فقد آن لك أن تنهضي لاستجابة حكم مولاك العظيم ، وأن تصطلحي مع الله عز وجل بعد طول نسيان وتنكر له ، ودعك من انتقاد الناس وحسابهم ، فإن حساب الله غداً أشد وأعظم . تَرَّفعي عن السعي إلى مرضاتهم وتحقيق أهوائهم فإن التسامي إلى مرضاة الله أسعد لك وأسلم ، ولسوف تجدين وأنت تعزمين على الرجوع إلى صراط الله من يحاول أن يرهق مشاعرك تخديراً تحت وطأة هذه التقاليع التي أحاطت بك ،كما تحيط خيوط العنكبوت بضحيتها الحبيسة. أما نحن فنذكرك بقول الله تعالى "يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين" وستجدين من يُذَكِّرك بجمال هذه الدنيا ، ومغريات الارتواء من لذَّاتها وزينتها ، ولكني أذكرك بخطورة عقابها وجسامة ما ينتظرك من آثارها . كلمة أخيرة نتوجه بها إلى اللواتي استيقنت أفئدتهن الحق الذي بيَّناه ، غير أن الواحدة منهن تشعر ببعد النَّقلة بين الواقع الذي تعيش فيه والحق الذي آمنت به ، فتركَنُ آسفةً إلى الوضع الذي تعيش فيه ، وتعتذر بأنها عاجزة عن مثل هذا القفز البعيد ، وهكذا فهناك الكثير ممن ليس يلتزمن بالزي الإسلامي ما يمنعهن من السعي إلى إصلاح حالهن ، إلا ما يرونه من بعد الفجوة وعمقها بين الكمال الذي يسمعون عنه ، والواقع الذي يعيشون فيه ، ولكن هذا التصور خاطئ ، فإن الفاصل بين الحق والباطل إنما يتمثل في الفرق بين أبعد طرف عن الباطل وأول درجة من درجات الحق ، وفرق ما بينهما لفتة صغيرة وحركة بسيطة ، إذا فالحق هو سُلَّمٌ ذو درجات متقاربة ، تبدأ أولها عند طرف الباطل الذي تعيشين فيه ، وتقف الدرجة الأخيرة عند نهاية الكمال الذي يشدك إلى تشريع الله وحكمه.. إذا فالمطلوب منك بعد أن انتبهت إلى الحق وآمنت به أن تتحركي صاعدة في درجاته ، لا أن تقفزي قفزة واحدة إلى نهايتها.فإذا كنت لا تملكين من الطاقة أو الإرادة أو الظروف المساعدة ، ما تفرضين به على نفسك حجاباً سابغاً للجسم والوجه ، فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك مما تساعدك عليه الظروف والأحوال ، وإذا كنت لا تجدين طاقة كافية لتغيير أي شيء من لباسك وهيئتك ، مهما كانت منحرفة وبعيدة عن الله عز وجل ، فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك أيضاً من أداء العبادات المفروضة ، وتلاوة شئ من كتاب الله بتدبر خلال كل صباح ومساء ، وإذا كنت عاجزة حتى عن ذلك فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك من استشعار خطورة الحال التي أنت فيها والالتجاء إلى الله تعالى بقلب صادق واجف ، تسألينه العون والقوة واستعيني في ذلك بالبكاء والتضرع إلى الله ، وأعلمي -وفقك الله- أنه ما سار إنسان أبداً إلى الحق بادئاً بخطوة من هذه الخطى متجهاً إلى الله بصدق وعزم ، إلا وفقه الله تعالى في السير إلى نهاية الطريق والوصول إلى مجامع ذلك الحق .
واعلمي أن المصيبة كل المصيبة ، أن تعلمي الحق وتؤمني به ، ثم لا تتجهي إليه
بخطوة أو بعزم كأن الأمر ليس مما يعنيك في شئ ، أو كأن الذي شرع هذا الحق و
أمر به لن تطولك يده ، ولن يبلغ إليك بطشُه وسلطانُه ، مثل هذا الحال يعتبر
أعظم سبب لاستمطار غضب الله تعالى والتعجيل بعقوبته ، وعقوبة الدنيا هنا لا
تتمثل في بلاء عاجل يحيق بالإنسان ، وإنما تتمثل في انغلاق العقل وقسوة القلب
، فلا يؤثر في أحدهما تذكير ولا تخويف ولا تنبيه مهما كانت الأدلة واضحة
والنُذُر قريبة... حتى إذا جائه الموت تخطّفَه وهو على هذا الحال ، فينقلب
إلى الله تعالى وقد تحول انغلاق عقله وقسوة قلبه إلى ندم يحرق الكبد ، وقت لا
ينفع الندم ولا رجوع فيه إلى الوراء. وقد عبر الله تعالى عن هذه العقوبة
وسببها بقوله :
"ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض
عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكِنَّة أن يفقهوه وفي آذانهم
وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبدا "
فإذا كنتِ تؤمنين بالله فلا ريب إنك
تؤمنين بشريعته واليوم الآخر الذي هو يوم الجزاء والحساب ، وإن من مستلزمات
هذا الإيمان أن تضعي الكلام الذي سردته عليك في هذه الرسالة ، موضع الجد
والاهتمام من تفكيرك ، حتى إذا أيقنتِ أنني لم أخدعك بباطل من القول ولم أضع
بين يديك إلا الحقيقة الصافية التي يتمثل فيها حكم الله عز وجل ، فإن عليك أن
تنهضي إلى تطبيق هذا الحكم بالسير في مراحله المتدرجة فإن رأيت أن حبال
الدنيا وأهوائها ، وتقليد الصديقات والقريبات تشدك إلى الخلف وتصدك عن النهوض
بأمر الله ، فلا أقل من أن تفيض الحسرة في قلبك ، فيسوقك الألم إلى باب الله
تعالى وأعتاب رحمته لتعرضي له ضعفك و تجأري إليه بالشكوى أن يَهَبَكِ من
لَدُنه قوةً وتوفيقاً ،وأن يمنحك العون ؛ لتتحرري عن سلطان نفسك وسلطان
التقاليد والعادات وسلطان الأقارب والصديقات. أما إن لم ينهض بك الإيمان إلى
هذا ولا إلى ذاك ، ولم يتحرك القلب الذي وراء ضلوعك بأي تأثر واهتمام لكل هذا
الذي حدثتك به ، فلتكوني في شك من إيمانك بوجود الله تعالى ، ولتعلمي أنك
تسيرين -إن استمر بك الحال- إلى نهاية رهيبة ليس منها مخلص ولا مفر ، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما تركت بعدي فتنة أضَّر على الرجال من
النساء" متفق عليه . فاعلمي أنه ما من شاب يُبتلى منك اليوم بفتنة تُغريه ،
أو تُشغل له باله ، وكان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها ، إلا أعقبك منها غداً
نَكالٌ من الله عظيم . ا.هـ.
|