مع تحيات موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.55a.net
كتاب علم الإيمان الجزء الثالث بقلم الشيخ عبد المجيد الزنداني
لقد
أرسل الله محمداً r
إلى الناس كافة على اختلاف عصورهم وثقافاتهم ومداركهم ، وأيده ببينات متنوعة تتناسب مع جميع من أرسل إليهم إلى يوم
القيامة ، وكما رأينا معجزة الفصاحة في كتاب الله التي أخضعت فصحاء العرب ،
ومعجزة البشارات التي أقامت الدليل لأهل الكتاب
على صدق رسول الله
r ، ومعجزات الخوارق التي
أرغمت الكافرين المعاندين وأوضحت لهم حجة النبي
r الساطعة ،
ومعجزة الإخبار بالغيب التي تجلت ولاتزال تتجلى
وتتحقق على مر القرون والعصور .فهيا لنرى بعض الأبحاث من معجزة وعد بها
القرآن وتجلت في عصرنا وشاهد حقائقها أهل الاختصاصات الكونية العلمية الدقيقة
في عصرنا ، كعلم الفلك وعلوم الأرض والأرصاد والنبات والحيوان وعلوم الطب
المختلفة وعلوم البحار وغيرها من العلوم الكونية ، ليكون ذلك دليلاً لكل عاقل
في عصرنا أن هذا القرآن من عند الله ، وأن العلامة الإلهية الشاهدة بأنه من
الله هي العلم الذي تحمله الآيات وتجليه الاكتشافات العلمية الدقيقة بعد رحلة
طويلة من البحث والدراسة ، وباستخدام أدق الآلات التي لم تصنع إلا في عصر
الثورة الصناعية الحاضرة ، ولقد أشار القرآن إلى هذا النوع من الإعجاز ووعد
بإظهاره في قوله تعالى :
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)﴾
[فصلت:53]
.ويقوم هذا الإعجاز على مشاهدة البشر للعلم الذي أخبر به القرآن من حقائق في
آفاق الأنفس والأكوان ، كما قال تعالى :
﴿هُوَ
إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ
حِينٍ(88)﴾
[ص:87-88]
وبين أن ذلك الحين هو حين القدرة على مشاهدة أسرار ما تضمنته آيات القرآن.
قال تعالى :
﴿وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا
رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(93)﴾
[النمل:93]
فتتحقق بذلك المعجزة عندما يعلم الناس أن هذا القرآن نزل بعلم الله كما قال
تعالى :
﴿لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ
وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(166)﴾
[النساء:166]
أي أنزله وفيه علمه مصدقاً لرسالة الرسول
r
. قال تعالى : ﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [الحديد:25] .تتحدث هذه الآية عن وجود الحديد في الأرض وأنه وجد فيها بعملية إنزال من السماء ، وهذا يسوقنا إلى دراسة كيفية تكوين الحديد في الكون .وقد درس العلماء المتخصصون هذا الأمر فوجدوا أن 98% من الكون يتكون من الهيدروجين والهليوم وهما أخف العناصر[1] وأن الـ2% الباقية تشكل العناصر الأثقل وعددها مائة وخمسة عناصر ، مما حمل الدارسين على استنباط حقيقة تكون المواد الأثقل وزناً ذرياً من المواد الأخف ، وأن ذلك يتم عن طريق الاندماج النووي[2] الذي تصحبه طاقة هائلة ، ووجد الباحثون أن هناك نجوماً تصل درجة حرارتها من 300ألف مليون درجة إلى 400ألف مليون درجة مئوية[3] تسمح بأن يتكون الحديد بداخلها. فإذا وصلت كمية الحديد إلى 50% من كتلة النجم وأصبح قلب النجم كله حديداً تتوقف العملية بالكامل وعندئذ ينفجر النجم، وإذا انفجر تناثرت أشلاؤه في صفحة الكون ودخلت بقدر الله في مجال جاذبية أجرام سماوية أخرى تحتاج إلى هذا الحديد ، ونرى ذلك يحدث الآن كما نرى نيازك حديدية تصل إلى الأرض مثل ما حدث في جنوب السودان حين نزل في مدينة جوبا نيزك كتلته (90 طناً). وأغلب النيزك يحترق باحتكاكه بالغلاف الغازي، ووصول (90 طناً) من الحديد الصافي يعني أن كتلة هذا النيزك كانت أكبر من ذلك بأضعاف كثيرة . ونحن نرى النيازك الحديدية تصل إلى الأرض وتصل إلى القمر وإلى المجموعات الأخرى ، مما دفع العلماء إلى تصور أن الأرض حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوى كومة من الرماد ويقول المختصون إن الأرض تشكلت قبل أربعة بلايين ونصف بليون عام وكانت النيازك والمذنبات تقصفها بشدة وعنف بحيث كانت الحرارة المنبعثة من هذا التصادم والقصف الفائق السرعة كافيه لإذابة الكوكب بأكمله ، ثم بدأت تبرد بعد ذلك واستمرت تبرد إلى اليوم ، وأخذت المواد الأكثر كثافة مثل الحديد والقادمة من تلك النيازك طريقها إلى قلب ومركز الأرض ، بينما صعدت السيليكات الأخف وزناً وكذلك مركبات الأوكسجين الأخرى والماء القادم من المذنبات إلى قرب السطح. ويكون الحديد أكثر من 35% من كتلة الأرض حيث تتكون الأرض من قلب صلب من الحديد ثم يليه قلب منصهر أغلبه من الحديد، ثم أربعة أوشحة متمايزة يشكل الحديد فيها نسبة عالية ثم الغلاف الصخري للأرض وفيه نسبة جيدة من الحديد، ويوضح الشكل الآتي تركز المعادن في طبقات الأرض المختلفة. ونلاحظ أن القلب الداخلي يتكون في معظمه من الحديد في حالته الصلبة بينما يتكون القلب الخارجي الذي يحيط به من الحديد و10% من الكبريت ، وبهذا يكون الحديد عنصراً مهماً من مكونات طبقات الأرض السبع .وقال البرفسور آرمسترونج[4] أحد مشاهير علم الفلك في أمريكا والذي يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا حين سألناه كيف تكون الحديد : (سأحدثكم كيف تكونت كل العناصر على الأرض. لقد اكتشفناها، بل لقد أقمت عدداً من التجارب لإثبات ما أقول لكم. إن العناصر المختلفة تجتمع فيها الجسيمات المختلفة من الكترونات وبروتونات وغيرها ، لكي تتحد هذه الجسيمات في ذرة كل عنصر تحتاج إلى طاقة. وعند حسابنا للطاقة اللازمة لتكوين ذرة الحديد وجدنا أن الطاقة اللازمة يجب أن تكون كطاقة المجموعة الشمسية أربع مرات ، ولذلك يعتقد العلماء أن الحديد عنصر غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون فيها .وعند سؤاله متى اكتشف العلماء التجريبيون حقيقة إنزال الحديد إلى الأرض؟ قال: (بأنها لم تعرف عن العلماء التجريبيين إلا في الربع الأخير من القرن العشرين وانه لم يشر أحد من العلماء المتخصصين والباحثين إلى شيء من ذلك، ولم تشر كتب العلم التجريبي إلى هذه الحقيقة قبل هذا التاريخ) .إن علماء الفيزياء قد تمكنوا من أن يوجدوا عناصر أثقل من عناصر أخف[5]. واستطاعوا أن يحسبوا الطاقة اللازمة لتكوين كل عنصر من هذه العناصر وقد وجدوا أن الطاقة اللازمة لتكوين ذرة واحدة من الحديد تحتاج إلى أربعة أضعاف الطاقة الموجودة في المجموعة الشمسية مما جعلهم يجزمون بأن الحديد لا يمكن أن يكون قد خلق في الأرض أو في المجموعة الشمسية بل لابد أن يكون قد خلق في نجم خارج المجموعة الشمسية ونزل إلى الأرض في صورة حديد
أقوال المفسرين
: وهيا لنرى ما قاله علماء التفسير في هذه الآية
:
لقد
انقسم المفسرون إلى فريقين :
فمنهم
من فسر اللفظ على ظاهره فقالوا :
﴿
وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾
بمعنى أن الله أنزل الحديد كما أنزل
آدم من السماء إلى الأرض ، وهو قول ابن عباس وعكرمة وإليه ذهب الطبري والقرطبي والواحدي
.ومنهم
من اضطر إلى تأويل اللفظ عن ظاهره لاستبعاد إمكانية تصور نزول الحديد
إلى
الأرض من السماء ولِمَا يشاهدونه في ازمنتهم
وبيئاتهم من استخراج الحديد من باطن الأرض فقالوا﴿
وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾
بمعنى أنشأناه وخلقناه وهو قول
الحسن وإليه ذهب ابن كثير والثعالبي والشوكاني
.ونرى من أقوالهم أنهم أولوا لفظ أنزلنا إلى خلقنا
وجعلنا ، وفرق بين الإنزال والخلق والجعل لكنها المعارف البشرية المحدودة في
تلك الأزمنة التي كانت تحمل المفسرين على صرف اللفظ عن ظاهره
.
وجه
الإعجاز :
لم
يتمكن الإنسان من معرفة حقيقة أن الحديد نزل من السماء إلى الأرض إلا بعد أن
امتلك من الوسائل العلمية ما تمكن به من معرفة ما جرى ويجري في أعماق النجوم
البعيدة لتكوين مادة الحديد ، وبعد أن تمكن من تحويل بعض العناصر الخفيفة إلى
عناصر ثقيلة وحساب ما يحتاج إليه ذلك من طاقة ، وعجزه عن تكوين مادة الحديد
من مواد أخف منه إذ يتطلب ذلك طاقة تساوى أربعة أضعاف طاقة المجموعة الشمسية.
كما أن استخراج البشر للحديد من مناجمه في باطن الأرض جعلهم لا يتوقعون أن
يكون الحديد قد نزل من السماء إلى الأرض وحملهم على الاعتقاد بأنه خلق مع
سائر العناصر الأرضية. لذلك خلت العلوم التجريبية من أي إشارة إلى هذه
الحقيقة قبل الربع الأخير من القرن العشرين. وكذلك اضطر كثير من المفسرين إلى
تأويل اللفظ القرآني ﴿
وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾
إلى معنى لا يحتمله اللفظ بما
فيهم مفسرون معاصرون عاشوا في القرن العشرين. فمن أخبر محمداً
r بهذه الحقيقة التي لم
تعرفها البشرية إلا في الربع الأخير من القرن العشرين والتي خفيت عن كل البشر
حتى هذا التاريخ، من؟ إلا الذي أنزل الحديد وأنزل القرآن على عبده ليكون
للعالمين نذيراً القائل:
﴿لَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ
بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ
لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ
إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ(25)﴾
[الحديد:25][6]. لقد كانت البحار
عالماً مجهولاً إلى القرن الثامن عشر الميلادي ، كما كانت الخرافات والأساطير
المتعلقة بالبحار تسود الحضارات القديمة ، وكان الرومان يعتقدون بأن قمم
الأمواج جياد بيضاء تجر عربة الإله (نبتون)[7] بزعمهم، وكانوا يقومون
بالطقوس والاحتفالات لإرضاء هذه الآلهة، وكانوا يعتقدون بوجود أسماك مصاصة
لها تأثيرات سحرية على إيقاف السفن ، وكان لليونانيين مثل هذه الاعتقادات كما
كان بحارتهم يعزون سبب الدوامات البحرية إلى وجود وحش يسمونه كاربيدس يمتص الماء ثم يقذفه[8]، ولم يكن بمقدور
الإنسان معرفة أعماق الشواطئ الضحلة والمياه الراكدة ناهيك عن معرفة البحار
العميقة والحركات الداخلية في هذه المياه، كما لم يكن بإمكان الإنسان الغوص في هذه الشواطئ إلا في حدود عشرين
متراً ولثواني معدودة ليعاود التنفس من الهواء الجوي، وحتى بعد ابتكار أجهزة
التنفس للغواصين لم يتمكن الإنسان من الغوص أكثر من ثلاثين متراً نظراً
لازدياد ضغط الماء على جسم الغواص مع زيادة العمق والذي يعادل عند عمق ثلاثين
متراً أربعة أضعاف الضغط الجوي على سطح الأرض[9] وعندئذٍ يذوب غاز
النتروجين في دم الغواص ويؤثر على عمل مخه فيفقده السيطرة على حركاته[10] ويصاب الغواصون نتيجة
لذلك بأمراض تعرف في الطب بأمراض الغواصين ، أما إذا نزل الغواص إلى أعماق
بعيدة فإن ضغط الماء يكفي لهرس جسمه .
التسلسل الزمني
لاكتشاف أعماق البحار : * في عام1300 م استخدم
صيادو اللؤلؤ أول نظارات واقية مصنوعة من صدف
السلاحف.[11] * في عام 1860م تم
اكتشاف أحياء في قاع البحر المتوسط باستخدام حبل حديدي (كيبل) . * في عام 1865م تم ابتكار مجموعة غطس مستقلة بواسطة كل من (روكايرول ودينايروز) * في عام 1893م تمكن
بوتان من إلتقاط صور
تحت الماء.[12] * في عام 1920م تم
استخدام طريقة السبر بالصدى (صدى الموجات الصوتية) لمعرفة
الأعماق. * في عام 1930م تمكن
كل من بارتون وبيبس من
أن يغوصا بأول كرة أعماق حتى عمق 3028 قدماً وابتكار (أقنعة الوجه والزعانف
وأنبوب التنفس) . * في عام 1938م تم
ابتكار قارورة للتنفس (سكوبا) وابتكار صمام التنفس
من قبل الكابتن كوستو ودوماس. * في عام 1958م تم
إجراء تجارب الاختبارات على غواصة الأعماق (الستينيات) وابتكار (ابرس) غلاصم[13] للتنفس تحت الماء
وتجربتها لأول مرة . * وتمكن الإنسان من
الغوص إلى أعمق بقعة في المحيط الهادي[14] ، كما تمكن من البقاء
في أعماق البحر لعدة أيام[15] ، واكتشف الإنسان
وجود فوهات في أعماق البحر[16] ، وصنع الإنسان
الغواصة الصفراء[17] والغواصات
النووية.[18]
معلومات حديثة في علم البحار : لم تبدأ الدراسات
المتصلة بعلوم البحار وأعماقها على وجه التحديد إلا في بداية القرن الثامن
عشر عندما توفرت الأجهزة المناسبة والتقنيات وصولاً إلى ابتكار الغواصات
المتطورة. وبعد عام 1958م أي بعد ثلاثة قرون من البحوث والدراسات العلمية
وعلى أيدي أجيال متعاقبة من علماء البحار توصل الإنسان إلى حقائق مدهشة منها
:
1) ينقسم البحر إلى
قسمين كبيرين :
أ- البحر السطحي
الذي تتخلله طاقة الشمس وأشعتها .
ب- البحر العميق
الذي تتلاشى فيه طاقة الشمس وأشعتها.
2) يختلف البحر
العميق عن البحر السطحي في الحرارة والكثافة والضغط ودرجة الإضاءة الشمسية،
والكائنات التي تعيش في كل
منهما ويفصل بينهما
موج داخلي.
3) الأمواج البحرية
الداخلية : تغطي الأمواج الداخلية
البحر العميق وتمثل حداً فاصلاً بين البحر العميق والبحر السطحي ، كما يغطي
الموج السطحي سطح البحر ويمثل حداً فاصلاً بين الماء والهواء ولم تكتشف
الأمواج الداخلية إلا في عام 1904م[19]. ويتراوح طول الأمواج
الداخلية ما بين عشرات إلى مئات الكيلومترات كما يتراوح ارتفاع معدل هذه
الأمواج ما بين 10 إلى 100متر تقريباً. 4) اشتداد الظلام في البحر العميق مع ازدياد عمق البحر حتى يسيطر الظلام الدامس الذي يبدأ من عمق (200متر) تقريباً ويبدأ عند هذا العمق المنحدر الحراري الذي يفصل بين المياه السطحية الدافئة ومياه الأعماق الباردة ،كما توجد فيه الأمواج الداخلية التي تغطي المياه الباردة في أعماق البحر ، وينعدم الضوء تماماً على عمق 1000متر تقريباً .أما فيما يتعلق بانتشار الظلمات في أعماق البحار فقد أدرك صيادوا الأسماك أن الضوء يمتص حتى في المياه الصافية وأن قاع البحر المنحدر ذا الرمال البيضاء يتغير لونه بصورة تدريجية حتى يختفي تماماً مع تزايد العمق وأن نفاذ الضوء يتناسب عكسياً مع ازدياد العمق. وأبسط جهاز علمي
لقياس عمق نفاذ الضوء في مياه المحيط هو إن الظلام الدامس الذي
يشتد من خمسمائة متر إلى ألف متر يتكون في أعماق البحار نتيجة لظلمات بعضها
فوق بعض ، وتنشأ لسببين رئيسين :
1) ظلمات الأعماق : يتكون شعاع الشمس من سبعة ألوان
(الأحمر ، البرتقالي، الأصفر ، الأخضر ، النيلي ،
البنفسجي ، الأزرق) ولكل لون طول موجي خاص به[23] وتتوقف قدرة اختراق
الشعاع الضوئي للماء على طول موجته فكلما قصر طول الموجة زادت قدرة اختراق
الشعاع للماء ، لذلك فإن شعاع اللون الأحمر يمتص على عمق 20متراً تقريباً
ويختفي وجوده بعد ذلك، وينشأ عن ذلك ظلمة اللون الأحمر ، فلو جرح غواص على
عمق 25متراً تقريباً وأراد أن يرى الدم النازف فسيراه بلون أسود ، بسبب
انعدام شعاع اللون الأحمر ، ويمتص الشعاع البرتقالي على عمق ثلاثين متراً
تقريباً فتنشأ ظلمة أخرى تحت ظلمة اللون الأحمر هي ظلمة اللون البرتقالي ،
وعلى عمق 50متراً تقريباً يمتص اللون الأصفر ، وعلى عمق 100متر تقريباً يمتص
اللون الأخضر ، وعلى عمق 125متر تقريباً يمتص اللون البنفسجي والنيلي ، وآخر الألوان امتصاصاً هو اللون الأزرق على
بعد 200متر تقريباً من سطح البحر. وهكذا تتكون ظلمات الألوان لشعاع الشمس
بعضها فوق بعض ، بسبب عمق الماء الذي تمتص فيه الألوان بأعماق مختلفة
.
2) ظلمات الحوائل : وتشترك ظلمات الحوائل
مع ظلمات الأعماق في تكوين الظلمات الدامسة في البحار العميقة ، وتتمثل
ظلمات الحوائل فيما يأتي:
أ- ظلمة السحب
: غالباً ما تغطي السحب أسطح البحار العميقة نتيجة تبخبر الماء ، وتمثل حائلاً نسبياً لأشعة الشمس[24] ، فتحدث الظلمة
الأولى للحوائل والتي نراها ظلالاً لتلك السحب على سطح الأرض والبحار .
ب- ظلمة الأمواج
السطحية : تمثل الأسطح المائلة للأمواج السطحية في البحار سطحاً عاكساً
لأشعة الشمس ، ويشاهد المراقب على الساحل مقدار لمعان الأشعة التي عكستها هذه
الأسطح[25] المائلة للأمواج
السطحية .
ج-
ظلمة الأمواج الداخلية : توجد أمواج داخلية
تغشى البحر العميق وتغطيه ، وتبدأ من عمق 70متر إلى 240متر[26]، وتعلق ملايين
الملايين من الكائنات الهائمة في البحار على أسطح
الموجات
الداخلية ، وقد تمتد الموجة الداخلية إلى سطح البحر فتبدو تلك الكائنات
الهائمة كأوساخ متجمعة على سطح البحر ، مما يجعلها تمثل مع ميل الموج الداخلي
حائلاً لنفاذ الأشعة إلى البحر العميق فتنشأ بذلك الظلمة الثالثة تحت ظلمتي
السحب والموج السطحي . ويتبين مما سبق أن
الظلمات التي تراكمت في البحار العميقة عشر ظلمات وهي
:
أ- ظلمات الأعماق
: وهي سبع ظلمات بعضها فوق بعض تنشأ من التلاشي التدريجي لألوان الطيف
السبعة .
ب- ظلمات الحوائل
الثلاثة :
1- السحب 2- الموج السطحي 3- الموج الداخلي
. وهي أيضاً ظلمات بعضها
فوق بعض .
الاكتشافات
العلمية المتعلقة بالآية : مما سبق يتبين أن
العلم التجريبي قد اكتشف في فترة طويلة ، خلال القرون الثلاثة الماضية ، وبعد
توفر الأجهزة الدقيقة ، وبتضافر جهود أعداد كبيرة من الباحثين وعلماء البحار
، الحقائق الآتية :
·
عدد الظلمات المتراكمة في البحار
العميقة عشر ظلمات، سبع منها بسبب عمق الماء وثلاث بسبب الحوائل الثلاثة :
السحاب ، الموج السطحي، الموج العميق .
أ- مياه البحر
السطحي حيث توجد فيها طاقة الضوء .
ب- مياه البحر
العميق التي تراكمت عليها الظلمات .
وصف
القرآن لهذه الأسرار والحقائق البحرية :قال تعالى:﴿أَوْ
كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ
فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ
لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ
مِنْ نُورٍ(40)﴾
[النور:40]. قال تعالى : ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ ... ﴾ . ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ...﴾. الأول : أن الذي يخرج
يده في هذه الأعماق ليراها لايراها إلا بصعوبة
بالغة ، كما فهم ذلك بعض المفسرين ، ومنهم المبرد والطبري
. الثاني : أن الذي يخرج
يده في هذه الأعماق ليراها لايراها البتة ، لأن
فعل المقاربة كاد جاء منفياً ، فإذا نفيت مقاربة الرؤية دلت على تمام نفي
الرؤية ، وهذا ما ذهب إليه بعض المفسرين ، أمثال الزجّاج وأبو عبيده والفرّاء
والنيسابوري . والآية استعملت تعبيراً يدل على
المعنيين معاً، فتكون الرؤية بصعوبة في الأعماق القريبة ، وتنتفي الرؤية
تماماً في الأعماق البعيدة ، على عمق 1000متر تقريباً كما مر بنا
. فتأمل كيف جاء التعبير
القرآني الموجز دالاً على المعاني الصحيحة المتعددة .
وجه الإعجاز : لقد ذكر القرآن الكريم
معلومات دقيقة عن وجود ظلمات في البحار العميقة ، وأشار إلى سبب تكوينها ،
ووصفها بأن بعضها فوق بعض ، ولم يتمكن الإنسان من معرفة هذه الظلمات إلا بعد
عام 1930م. وأخبر القرآن عن وجود موج داخلي في البحار لم يعرفه الإنسان إلا
بعد عام 1900م ، كما أخبر بأن هذا الموج الداخلي يغطي البحر العميق ، الأمر
الذي لم يعرف إلا بعد صناعة الغواصات بعد الثلاثينيات من القرن العشرين، كما
أخبر القرآن عن دور الموج السطحي ، والموج الداخلي في تكوين ظلمات في البحار
العميقة ، وهو أمر لم يعرف إلا بعد تقدم العلم في القرون الأخيرة. وما سبق من
المعلومات لم يكتشفه الإنسان إلا بعد أن ابتكر أجهزة للبحث العلمي تمكنه من
الوصول إلى هذه الأعماق ، ودراسة هذه الظواهر ، وبعد أن استغرق البحث فترة
طويلة امتدت لثلاثة قرون من الزمن ، واحتشد لها مئات الباحثين والدارسين حتى
تمكنوا من معرفة تلك الحقائق. فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بهذه
الأسرار في أعماق البحار في وقتٍ كانت وسائل البحث العلمي فيه معدومة ،
والخرافة والأسطورة هي الغالبة على سكان الأرض في ذلك الزمان ، وبخاصة في
مجال البحار ؟كيف جاءه هذا العلم الدقيق بهذه الأسرار ، وهو الرجل الأمي في
أمة أمية وبيئة صحراوية ، ولم يتيسر له ركوب البحر
طوال حياته ؟ وحين عرضت هذه الحقائق
على البرفسور (راو) وسئل عن تفسيره لظاهرة الإعجاز
العلمي في القرآن والسنة وكيف أُخبر محمد
r بهذه
الحقائق منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام أجاب : (من الصعب أن نفترض أن هذا
النوع من المعرفة العلمية كان موجوداً في ذلك الوقت منذ ألف وأربعمائة عام
ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب
جداً ، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً. لا يستطيع الإنسان
العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل ولذلك فقد فكرت في قوة
خارقة للطبيعة خارج الإنسان ، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعية)[27] .إنه لدليل قاطع على
أن هذا العلم الذي حملته هذه الآية قد أنزله الله الذي يعلم السر في السموات والأرض ، كما قال تعالى:﴿قُلْ
أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ
كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(6)﴾ [الفرقان:6] وقال
تعالى:﴿لَكِنْ
اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ
وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(166)﴾
[النساء:166] والقائل:
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)﴾
[فصلت:53]. فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت
وربت
قال
تعالى :﴿
وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ
اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(5)﴾
[الحج:5]
وقال تعالى:﴿وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا
الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى
إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(39)﴾[فصلت:39]
، بين الله تبارك وتعالى في هاتين الآيتين أثر الماء وأهميته،لحياة الأرض
وإنباتها من كل زوج بهيج ،وسنبين وجه الإعجاز في
ربط القرآن الكريم بين نزول الماء واهتزاز التربة ، وربوها ، وإنباتها من كل
زوج بهيج، فالماء مذيب عام للمعادن التي تحتويها
التربة ، ووسط تدخل من خلاله المواد المذابة إلى النبات وتتحرك خلال أنسجته .
وتتكون
الأرض من ثلاثة مكونات هي:
1-
مادة التربة الصلبة المكونة من المواد المعدنية
والعضوية.
2-
محلول التربة المكون من مواد التربة الذائبة في الماء.
3-
الهواء المتخلل لحبيبات التربة ومساماتها
.
وتشتمل
المادة الصلبة للتربة على حبيبات ذات أحجام
متباينة تتدرج من حبيبات خشنة ذات قطر 2مم إلى حبيبات ناعمة جداً يصل قطرها
إلى أقل من ميكرون.[28]
وهذه الحبيبات تتكون من صفائح معدنية متراصة بعضها فوق بعض[29]
ملتصقة
في حالة سكونها ، وهي ما عبر عنه القرآن بقوله سبحانه
وتحمل
الحبيبة على سطحها شحنات كهربائية سالبة[30]
أولاً
: الاهتزاز :
إذا
نزل ماء المطر على التربة يحدث فيها الاهتزاز الدقيق الذي أشار إليه القرآن
بقوله :
﴿ فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ ﴾
وذلك
بسبب ما يأتي :
أ-
تساقط قطرات المطر على حبيبات التربة ، فتنشأ فيها حركة آلية (ميكانيكية)
.
ب-
حركة جزئيات الماء "الحركة البراونية" إذ أن حبيبات التربة الموجودة في الوسط
المائي تهتز بسبب حركة جزئيات الماء ، وهذا
الاهتزاز عملية خفية لا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة. وعلى الرغم من أن الميكروسكوب أخترع عام 1590م فإن
ظاهرة اهتزاز الجزيئات في الوسط المائي لم تشاهد إلا في عام 1827م على يد
عالم النبات الاسكتلندي روبرت براون ، وكان يعتقد
في بداية الأمر أن الحركة الإهتزازية الذبذبية
مقتصرة على حبوب اللقاح الحية في النبات إذا وضعت في وسط مائي ، ثم وجد بعد
ذلك أن هذه الحركة نفسها تحصل لحبوب اللقاح الميتة. ومع تقدم العلم ثبت أن
هذه الاهتزازات تحصل للجسيمات الدقيقة العالقة في الماء ولو كانت جسيمات من
الزجاج أو الجرانيت أو الدخان أو غيرها كحبيبات التربة ، وأنها تحصل بسبب
اهتزاز جزيئات الماء.[31]
ج-
طرد الماء للهواء الموجود في الفراغات بين تلك الحبيبات، فيحدث اهتزازاً
في حبيبات التربة ، وكلما كانت الحبيبات دقيقة كانت الفراغات بينها أدق تعجز
العين المجردة عن إدراكها وإدراك حركة الماء خلالها وما يحدثه الماء من
اهتزاز لتلك الحبيبات .
د-
ظهور الشحنة الكهربائية على سطوح الحبيبات
بسبب نزول المطر والذي يسبب عدم استقرارها ، وحدوث حركات اهتزازية لا يمكن
سكونها إلا بعد تعادل هذه الشحنات بأخرى.
ثانياً
: الربو[32]
:
فعندما
تهتز الصفائح الصغيرة الرقيقة المكونة لحبيبات التربة فإنها تتيح الفرصة لدخول الماء وأيونات[33]
العناصر الذائبة فيه إلى الشقوق المسطحة بين
الصفائح الرقيقة فتتباعد الصفائح وتربوا الحبيبات وتنتفخ[34]
بسبب خزن الماء بين صفائح الحبيبات. كما تحاط الحبيبة بأغلفة مائية ممسوكة بقوى الجذب "الكهروستاتيكي"[35]
وهكذا تمتلئ الفراغات بين الحبيبات وبهذا تصبح حبيبات التربة خزانات مائية
صغيرة تكون سبباً في انتفاخ التربة[36]
وزيادة حجمها وإمداد جذور النباتات بالماء بعد انقطاع المطر
.
ثالثاً
: إنبات النبات :
وبنزول
ماء المطر وخزنه بين صفائح حبيبات التربة وعلى أسطح الحبيبات نفسها يستفيد
النبات من ذلك الماء خلال الفترة التي تلي نزول المطر فتبدأ البذور الجافة
الموجودة في التربة بامتصاص الماء والمواد المعدنية من الوسط المحيط بها
وتتحرك العمليات الكيميائية الحيوية في البذور فتنبت وتنمو الدرنات والأبصال
وتصبح مساحة سطحية كبيرة من الشعيرات الجذرية
للنباتات معرضة لمحلول التربة مما يسهل عليها عملية امتصاص الماء والعناصر
الغذائية .كما تنشط ملايين الكائنات الحية الموجودة في التربة ، فالفطريات
والبكتريا تحول بقايا النباتات والحيوانات إلى مواد معدنية تمتصها النباتات
عبر الجذور وتقوم ديدان الأرض بحفر الأنفاق عبر التربة مفسحة المجال لدخول
الهواء والماء خلال التربة فتصبح الأرض مخضرة بإنباتها من كل زوج بهيج .وقد وصف القرآن هذه الحركة الدقيقة لحبيبات التربة
والتي لم تشاهد إلا بالمجهر كما وصف ما يحدث من نمو (ربو) لحبيبات التربة
الصغيرة بسبب دخول الماء بين الصفائح المكونة لها ، ودخوله بين الحبيبات وما
ينتج عن ذلك من خزن طويل للماء فيكون سبباً لاستمرار إنبات النبات ونموه في
وقت انقطاع المطر .قال تعالى :﴿
وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ
اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(5)﴾
[الحج:5]
.
المعاني اللغوية :
قوله
تعالى: (هامدة) .
يقال
في اللغة : "همد" الهاء والميم والدال : أصل يدل على خمود شيء[37]
.
وأرض
هامدة : لا نبات بها[38]
.
والهمود
: الموت[39]
.
قوله
تعالى "خاشعة" : يقال في اللغة (خشع) : الخاء والشين والعين أصل واحد يدل على
التطامن .
و"بلدة
خاشعة" :- مغبرة[40]
.
والخشوع
: السكون والتذلل[41]
.
و"خشعت
الأرض" : يبست لعدم المطر[42].
والهمود
في الأرض: أن لا يكون فيها حياة ولا عود ولا نبت ولا أصابها مطر، وترى الأرض
(هامدة) أي جافة ذات تراب[43].
قوله
تعالى :
﴿اهتزت﴾
: يقال في اللغة "هزّ" : الهاء والزاء أصل يدل على
اضطراب في شئ وحركة[44].
اهتز
الشيء: تحرك، واهتز النبات: نما وتحرك وطال ، والهَـزُّ تحريك الشيء[45].
قوله
تعالى (وربت) الربو: الزيادة والنماء. وربت : انتفخت وعلت
.
وَربى
الشيء: زاد ونما
[46]
.
أقوال
المفسرين :
"هامدة"
أ : يابسة لا تنبت شيئاً[47]
.
ب:
جافة ذات تراب[48].
ج
: غبراء متهشمة[49].
د
: ميتة[50].
"خاشعة"
: أ : يابسة جدبة[51].
ب : غبراء متهشمة[52]
.
ج : هامدة لا نبات فيها بل هي
ميتة[53]
.
(اهتزت)
: أ- يعني بالنبات[54]
لأن النبات لا يخرج منها حتى يزيل بعضها من بعض إزالة خفيفة فسماه اهتزازاً
مجازاً .
وقال
المبرد : المعنى اهتز نباتها فحذف المضاف .
والاهتزاز
في النبات أظهر منه في الأرض[55].
ب-
تحركت لإخراج النبات[56]
ج-
اهتزاز الأرض هو حركتها بالنبات وغير ذلك مما يعتريها بالماء[57].
ونلاحظ
من كلام المفسرين أنهم عزوا الإهتزاز للنبات ،
وأولوا الآية على غير ظاهرها ، وقال بعضهم الإهتزاز في النبات أظهر منه في الأرض ، وذلك بسبب نقص
المعلومات في زمنهم ولأن الاهتزاز على مستوى التربة وحبيباتها خفي لا تراه
العيون المجردة مع أن الآية الكريمة صريحة في نسبة الإهتزاز إلى التربة نفسها بعد إنزال الله المطر عليها .
(ربت)
: أ- انتفخت وزادت.[58]
ب-
ارتعشت قبل أن تنبت.[59]
ج-
ارتفعت قبل أن تنبت.[60]
د-
انتفخت وعلت لما يتداخلها من الماء ويعلوها من
نبات.[61]
هـ-
انتفخت وعلت ثم تصدعت عن النبات.[62]
(اهتزت
وربت) : تفرق الغيث في سبختها وربوها.[63]
وجه الإعجاز :
ذكر
القرآن اهتزاز التربة وربوها بعد نزول الماء عليها ، وهما عمليتان دقيقتان
غير مشاهدتين ولا محسوستين ولا يمكن إدراكهما إلا
من خلال استخدام المجهر.
وعملية
الاهتزاز والربو لحبيبات التربة يحصل بنزول المطر ، وهذا الاهتزاز يمكن الماء
بإذن الله من التخلل بين الصفائح المكونة للتربة والفراغات بين الحبيبات.
فتنتفخ الحبيبات ويزداد حجمها وتصبح مخازن للماء يستفيد منها النبات. حيث
تتشرب البذور الموجودة في التربة الماء وتنبت، وتمتصه الشعيرات الجذرية للنباتات فتنمو برحمة الله
.
وتفاصيل
العلاقة بين اهتزاز حبيبات التربة ورَبْوها وإنبات الأرض خفية لم يدركها
الإنسان إلا بعد تقدم علم التربة وتطور أدواته المعملية .فأول ملاحظة
للاهتزاز كانت في عام 1827م على الرغم من أن الميكروسكوب الضوئي ، وهو الأداة
التي لوحظ من خلالها الاهتزاز ، قد
اخترع[64]
عام 1590م، كما أن الميكروسكوب الإلكتروني الماسح والذي يمكن استعماله في فحص
الاتحادات البنائية
المكونة لحبيبات التربة لم يخترع إلا في عام 1952م.[65]
ويتجلى السبق العلمي للقرآن بصورة أكثر عندما نستعرض أقوال المفسرين الذين لم
تسعفهم علوم عصرهم في فهم ظاهر الآية الكريمة فاضطر أكثرهم إلى تأويلها
وحملها على المجاز .وإخبار القرآن بكل وضوح عن هذه الأسرار دليل على أنه منزل
ممن يعلم السر في السموات والأرض
القائل:
﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(6)﴾
[الفرقان:6]
والذي وعدنا في كتابه أنه سيرينا آياته. بقوله سبحانه
﴿وَقُلْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(93)﴾
[النمل:93].
آية اللبن ﴿من بين فرث ودم﴾
﴿
وَإِنَّ
لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ
بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ(66)
﴾
مقدمـة:
لقد
أدرك البشر منذ زمن بعيد العلاقة بين إدرار اللبن وما يتناوله الحيوان من
غذاء، وأن الحيوان يهلك إذا ما حرم من الغذاء، ولكنهم لم يعرفوا العملية التي
يتم بها تحول هذا الغذاء إلى لبن أو لحم أو عظم أو أي مادة أخرى .وجاء العلم
الحديث ليبين لنا المراحل التي توصلنا إلى تكوين اللبن خالصاً سائغاً
للشاربين فيكشف لنا من آيات الله اللطيف الخبير ما جاء مطابقاً لما أخبرنا به
القرآن عن أسرار تكون اللبن في بطون الأنعام ، ويظهر عظمة إنعام الخالق
المنعم على عباده .
التدرج
التاريخي للاكتشافات العلمية :
لم
يتمكن الإنسان من معرفة كيف يتكون اللبن في بطون الأنعام إلا بعد أن تمكن من
اكتشاف أسرار الجهاز الهضمي ومعرفة وظائف أعضائه ، وبعد اكتشاف الدورة
الدموية وعلاقتها بعملية امتصاص المواد الغذائية من الأمعاء ودخولها في الدم،
وقد استغرق ذلك فترة من الزمن لتطوير الأجهزة واكتشاف الأسرار استمرت قرابة
خمسة قرون .
أ-
تطور الأجهزة وأدوات البحث :
سلك
العلم التجريبي طرقاً دقيقة لمعرفة وظائف أعضاء الجهاز الهضمي بعد أن اخترعت
الآلات التي تم بها إجراء التجارب والأبحاث لتحقيق النتائج الدقيقة . ولم
يحصل هذا إلا في وقت متأخر ، فقد كان علماء الأحياء والأطباء في القرنين
الرابع عشر والخامس عشر الميلادي عاجزين عن ترجمة ملاحظاتهم العلمية إلى رسوم
وصور ، كما كانوا أكثر عجزاً عن نشرها بين الطلاب لعدم توافر إمكانيات النشر
.
وسار
التقدم في الأجهزة العلمية التي استعملت في معرفة أسرار عملية الهضم بخطوات
متتالية حتى انكشف للباحثين الكثير من أسرار الهضم[66]
.
ب-
تاريخ معرفة وظائف أعضاء الجهاز الهضمي :
تتابعت
الاكتشافات العلمية[67]
في معرفة وظائف أعضاء الجهاز الهضمي من عام 1833م إلى أن تم التوصل في القرن
العشرين إلى توضيح الأعمال المتتالية لعملية الهضم من تفكك بروتيد البروتينات بواسطة السلاسل الأنزيمية المعدية
والمعوية. كما تم توضيح تركيب وتأثير أهم العصائر
الهضمية، والتثبت من إنزيمات عديدة ذات دور كبير في عملية هضم الطعام ، مثل
:اللاكتاز، والليبار
والبروتيداز وغيرها ، كما اكتشف مفعول الهرمونات المختلفة العاملة في مختلف مراحل عملية
الهضم[68].وفي
عام 1902م اشترك بايليس (Bayliss)
وستارلنغ (Starling)
في اكتشاف هرمون السكرتين[69].وفي
عام 1911م أوضح (و.ب. كانون) العوامل الميكانيكية في الهضم وأوضح (ر. غلينارد) (1913م) الدراسة السينمائية التسجيلية لحركات
الأمعاء[70]
.
ج-
تاريخ معرفة الدورة الدموية :
اكتشف
ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى وكان يقال قبل ذلك إن الدم ينقى ضمن تجويف
في القلب . وقد ترجم اندريا الباغو (Andrea Alpago)
عمل ابن النفيس في مطلع القرن السادس عشر إلى اللاتينية ونشرت الترجمة في
البندقية سنة 1547م.[71]وجاءت
بعد ذلك بحوث هارفي حول الدورة الدموية وكانت من
أبرز البحوث قبل القرن التاسع عشر.[72]وفي
عام 1877م اثبت كلود برنار أن مقدار سكر الجلوكوز في الدم ثابت وإن اختلال
هذا التوازن يسبب مرض السكر[73]
، وصحح (كلود برنار) مفهوم (لافوازية) و(لا بلاس) بأن الرئتين مركز الاحتراق بقوله أن الاحتراق يتم
في الأنسجة المختلفة[74].وعمل
ماري (Marey)
(1830-1904م) على تحسين التقنيات الخاصة بدراسة عمل القلب والرئتين. كما
تناولت أبحاث وأعمال ماري دورة الدم (1863،1881) وفيزيولوجيا الحركة أو الانتقال[75].أما فيزيولوجيا دوران الدم فإنه منذ القرن
التاسع عشر جرى التعرف على الأعصاب المعدّلة والمسرعة للقلب وعلى التحرك
الوعائي وعلى بعض الظواهر التي تتدخل في الضغط الشرياني ، وقد بحثت بتوسع في
القرن العشرين .وبعد
استعمال النظائر المشعة تم معرفة المبادلات التي تحدث عند مستوى الشعيرات الدموية بصورة أفضل .وبعد أن اكتشف الإنسان
أسرار الهضم ومراحله ووظائف أعضاء الجهاز الهضمي والدورة الدموية ووظيفة
القلب والأوعية الدموية ، وسيرها في الجسم وعلاقتها بالجهاز الهضمي وسائر
أجزاء الجسم بما فيها ضروع اللبن والغدد اللبنية في الأنعام تمكن الإنسان من
معرفة طريقة تكون اللبن من الغذاء الذي تأكله الأنعام
.
يتم تكوين اللبن في الأنعام بالتنسيق
المحكم والتدرج الدقيق بين الجهاز الهضمي والجهاز الدوري والجهاز التناسلي عن
طريق الغدد اللبنية في الضروع وغيرها من الأجهزة حيث جعل الله لكل جهاز
وظيفة وأعمالاً خاصة يقوم بها ليتكون - في نهاية المطاف - اللبن الخالص
السائغ للشاربين. ويمكن أن نجمل مراحل تكون اللبن كالآتي
:
1- الهضم (Digestion)
يتم
الهضم على عدة أشكال فمنه الهضم (الحركي) والهضم الكيماوي والهضم الميكروبي
بواسطة (خمائر) الميكروبات الموجودة في كرش الأنعام .تبدأ عملية الهضم في
الفم بنوعيها : الهضم (الحركي) و (الخمائري) حيث
يتم تقطيع مواد العلف بالمضغ وخلطها باللعاب الذي يحتوي على أنزيم (الأميليز) الذي يقوم بهضم مبدئي ثم في المعدة
المركبة[76]
حيث يتم هضم ميكانيكي وميكروبي وكيماوي .
ويتحول
الفرث الصلب بعد هضمه في الأمعاء إلى فرث رائق.[80]
2- الاستخلاص من بين الفرث
:
تقوم
الخملات[81]
في الأمعاء الدقيقة بامتصاص المــواد
الغذائيـة المحللة بعـدةطرق[82].
وتصل هذه المواد إلى داخل الأوعية الدموية الصغيرة الواقعة تحت النسيج الطلائي ، ومنها إلى الأوعية الدموية الأكبر فتدخل في
تيار الدورة الدموية .
3-
الاستخلاص من بين الدم :
ثم
يقوم الدم بنقل هذه المواد الغذائية إلى جميع خلايا الجسم والتي منها خلايا
الضروع التي يتم فيها امتصاص مكونات الحليب من بين الدم
.
4- تصنيع اللبن في الضرع :
والضرع
مدينة صناعية يتكون من فصوص ، وكل فص يتكون من عدد من الفصيصات ، وكل فصيص يحتوي ما
بين 150-220 حويصلة مجهرية ، والحويصلة المجهرية عبارة عن تركيب يشبه
الكيس حيث يصنع اللبن ويفرز. وكل حويصلة تعد وحدة صناعية مستقلة متكونة من
تجويف لجمع اللبن محاط بطبقة واحدة من الخلايا الطلائية (الظهارية) ، وكل
خلية في هذه الوحدة الصناعية وحدة متكاملة قائمة بذاتها تحول ما بداخل جوفها من مواد أولية قادمة من الدم
إلى قطيرة لبن تفرز في ذلك التجويف.إن الخلية
الطلائية (الظهارية)
اللبنية هي التي يجعل الله داخلها جميع عمليات تصنيع اللبن بمكوناته
المختلفة، فتصل المكونات الأساسية للبن إلى الغشاء القاعدي للخلية اللبنية
فيأخذ كل مكون طريقه عبرها ليصل إلى القسم المناسب داخل الخلية حيث تجري عليه
العمليات التي قدرها عالم السر وأخفى سبحانه فيخرج من الجهة العليا للخلية
مادة جديدة تشكل مع المواد الأخرى الناتجة لبناً سائغاً للشاربين.فتعال معنا
نتتبع مسار كل مادة وردت من الدم وما يحصل لها في رحلتها عبر الخلية اللبنية
.يبين الشكل آليات انتقال مكونات اللبن من الشعيرات الدموية عبر الخلية اللبنية إلى تجويف الحويصلة
بعد تعرض قسم منها إلى معالجات تحولها إلى مواد مناسبة لتركيب اللبن وانتقال قسم آخر دون تغيير عبر الخلية أو
عبر مسالك يبين الخلايا اللبنية .
1-
الأحماض الأمينية :
تنطلق الأحماض الأمينية التي جاءت من الدم وتتوجه
إلى القسم المناسب من المصنع وهو الرايبوسومات
المتعددة المنتشرة على الشبكة الإندوبلازمية
الخشنة ، كما في الشكل. وهناك ترتبط تساهمياً
لتكوين البروتينات، التي تنتقل بعدها إلى جهاز جولجي حيث تتم معالجتها قبل انتقالها إلى خارج الخلية
عبر حويصلات إفرازية تتبرعم من جهاز جولجي. وعند
الغشاء العلوي للخلية تلتحم الحويصلة الإفرازية بالسطح الداخلي للغشاء العلوي
الأمر الذي يؤدي إلى احداث فتحة تفرع الحويصلة
عبرها محتوياتها من البروتينات في تجويف الحويصلة. وهكذا توفرت مكونات اللبن
من البروتينات .
2- سكر اللبن (اللاكتوز) :
ثمة مادة مهمة أخرى من مكونات اللبن وهي اللاكتوز أو سكر اللبن، الذي يجعل
اللبن سائغاً للشاربين بإذن الله تعالى .يدخل
سكر الجلوكوز القادم من الدم الخلية عبر غشائها القاعدي الجانبي فيتحول بعضه
إلى جالاكتوز ويدخلان معاً جهاز جولجي ليتعرضا لتفاعلات تؤدي إلى تكوين (سكر اللبن)
(اللاكتوز) ، مما يؤدي إلى سحب الماء إلى داخل الخلية وداخل جهاز جولجي فيكون جزءاً من اللبن[83].وينضم
سكر اللبن والماء إلى البروتينات بانتظار مكونات أخرى مهمة ومنها الدهون .
3-
الدهون :
تستقبل
الخلايا الطلائية الخلات والزبدات والأحماض
الدهنية الجاهزة والجليسيرول، القادمة من الدم عبر الغشاء القاعدي
الجانبي لتشكل مادة دهنية في الشبكه الأندوبلازمية التي
يخرج منها الدهن عندئذ في صورة قطيرات دهنية صغيرة تتجمع لتشكل قطيرة أكبر فأكبر تتجه نحو الغشاء العلوي للخلية حتى إذا
ما وصلته هداها ربها للاندفاع بقوة للإلتحاق
بمكونات اللبن السابقة التي حطت رحالها في تجويف الحويصلة ولكن هذه القطيرة بعد أن سارت عبر الخلية دون غشاء تجرف معها
جزءاً من غشاء الخلية لتحيط نفسها به فيتم تغليف الحبيبة -بإذن الله- وهي في
تجويف الحويصلة ، وعندئذ تسمى كرية دهنية لبنية بعد أن كانت مجرد قطيرة دهنية.
4- الأجسام المضادة :
تأتي
الأجسام المضادة من الدم عبر الغشاء القاعدي الجانبي للخلية اللبنية فتتسلمها
مستقبلات موجودة على السطح القاعدي الجانبي للخلية ثم تحملها حويصلات النقل
(ناقلات) عبر الخلية لتصل إلى السطح الداخلي للغشاء العلوي للخلية فتطرح هذه
الأجسام المضادة المناعية في تجويف الحويصلة دون أن تتعرض هذه الأجسام لشئ مما تعرضت له المكونات الأخرى من معالجة
وتغيير.
5-
مكونات أخرى :
يشق
الماء وكريات الدم البيضاء وبعض الأيونات والأملاح طريقها إلى تجويف الحويصلة
عبر مسالك ضيقة بين الخلايا .
وهكذا
تنتهي الرحلة المقدرة بأمر الله لمكونات اللبن. وليس بمقدور مخلوق من البشر
مهما أؤتي من علم وإمكانيات أن يحاكي خلية لبنية واحدة تصنع اللبن. ولكن الله
القدير العليم جعل من هذه الخلية التي لا ترى إلا بالمجهر مجمعاً صناعياً
متكاملاً يصنع اللبن على مدار الساعة عند الكائنات التي رزقها الله تعالى
ذرية تحتاج إلى ذلك اللبن وجعل جزءاً كبيراً منه رزقاً للعباد وامتن عليهم
بقوله: ﴿
وَإِنَّ
لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ
بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا
لِلشَّارِبِينَ(66)
﴾.
تفسير الآيـة
المعنى
اللغوي:
الفرث
هو ما في الكرش[84]وقيل
هو السرجين ما دام في الكرش[85]
أقوال
المفسرين
:
اختلف
المفسرون في معنى الآية الكريمة بسبب اختلافهم في فهم مدلولات بعض الألفاظ
فتصور البعض أن عبارة "من بين" جاءت للتبعيض أي من بعض الفرث أو من بعض الدم ، بينما رأى آخرون أنها مكانية أي
من مكان بين الدم والفرث – ونجمل فيما يأتي حصيلة
ما قاله المفسرون رحمهم الله تعالى .
1)
وردت
رواية ضعيفة عن ابن عباس (رضي الله عنهما) مفادها:
"أن الدابة تأكل العلف فإذا استقر في كرشها طحنته فكان أسفله فرثاً وأوسطه
لبناً وأعلاه دماً ." وقد أورد هذا الحديث كثير من المفسرين ، منهم البيضاوي
والقرطبي وأبو السعود والشوكاني وابن الجوزي في زاد
المسير والآلوسي في روح المعاني وغيرهم. وقد علق
بعض هؤلاء المفسرين على القول المنسوب لابن عباس (رضي الله عنهما) بعد أن لاحظوا أنه يخالف الواقع المشهود ، فقال
كل من أبو السعود والبيضاوي والألوسي أن اللبن
والدم لا يتكونان في الكرش. ففي روح المعاني يقول الألوسي "وتعقب ذلك أي قول ابن عباس الرازي بقوله ولقائل
أن يقول اللبن والدم لا يتولدان في الكرش والدليل عليه الحس ، فإن الحيوانات
تذبح دائماً ولا يرى في كرشها شئ من ذلك ولو كان
تولد ما ذكر فيه لوجب أن يشاهد في بعض الأحوال والشئ الذي دلت المشاهدة على فساده لم يجز المصير إليه"
.
2)
ذكر
بعض المفسرين أن الفرث هو مصدر الدم واللبن أي
يخرج الدم من الفرث ويخرج اللبن من الفرث كذلك. قال بهذا البيضاوي عندما أول الكلام المنسوب
لابن عباس بقوله : إن صح فالمراد أن أوسطه يكون مادة اللبن وأعلاه مادة الدم
لانهما لا يتكونان في الكرش وقال به الشوكاني (فتح القدير).
3)
وذكر
كثير من المفسرين ما يتفق مع جاء به العلم الحديث من أن مكونات اللبن تستخلص
من الفرث ثم تستخلص من الدم. وممن قال بذلك القرطبي وأبو السعود وصاحب معاني القرآن ، وفي زاد
المسير لابن الجوزي في قوله "الفرث ما في الكرش والمعنى أن اللبن كان طعاماً فخلص من
ذلك الطعام دم وبقي فرث في الكرش وخلص من ذلك الدم
﴿ لَبَنًا
خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ
﴾"
.وهكذا نلاحظ اختلاف المفسرين في هذه المسألة بسبب عدم توافر المعرفة العلمية
في زمانهم ، ومع ذلك فقد هدى الله تعالى بعض المفسرين إلى الفهم الصحيح لمعنى
"من بين" وأنها تعنى من بعض الفرث ثم من بعض الدم
، على الرغم من عدم معرفتهم للكيفية التي لم يطلع عليها البشر إلا بعد قرون
من نزول هذه الآية الكريمة .
4)
أن
لفظ "خالصاً" في الآية دليل آخر على أن مواد اللبن تخلص من بين الدم بعد أن
خلصت من الفرث ، وقد المح إلى هذا المعنى الطبري
بقوله: خلص من مخالطة الدم والفرث فلم يختلطا به
.إلا
أن المفسرين رحمهم الله لم يشيروا إلى هذا المعنى الظاهر وإنما اقتصروا على
القول بأن "خالصاً" تعنى أن اللبن لا يستصحب لون
الدم ولا رائحة الفرث كما قاله البيضاوي والبغوي ؛ أو حمرة الدم وقذارة الفرث كما قاله القرطبي والشوكاني ؛ أو خالصاً عن شائبة ما في الدم والفرث من الأوصاف كما قاله أبو السعود وصاحبا تفسير
الجلالين .
وجه الإعجاز :
ما
كان أحد يعلم قبل اكتشاف أجهزة التشريح في القرنين الماضيين أسرار ما يجري في
الجهاز الهضمي عند الحيوان والإنسان ووظائف ذلك الجهاز المعقد وعلاقته
بالدورة الدموية ومراحل تكون اللبن في بطون الأنعام .فلما تكاملت صناعة
الأجهزة والتجارب العلمية عبر قرون عرف الإنسان أن مكونات اللبن تستخلص بعد
هضم الطعام من بين الفرث وتجري مع مجرى الدم لتصل
إلى الغدد اللبنية في ضروع الأناث التي تقوم
باستخلاص مكونات اللبن من بين الدم دون أن يبقى أي آثار في اللبن من الفرث أو الدم وتضاف إليه في حويصلات اللبن مادة سكر
اللبن التي تجعله سائغاً للشاربين. هذه الأسرار كانت محجوبة عن البشر فلم
يكتشفوها إلا بعد رحلة طويلة من التجارب والبحوث العلمية التي استغرقت قروناً
واستعملت فيها أجهزة صنعت لأول مرة على أيدي الباحثين لم يكن لها وجود عند
البشر قبل ذلك. ولكن القرآن الكريم كشفها أمام قارئيه بأجمل عبارة وأوجز لفظ
قبل ألف وأربعمائة عام. فمن علم محمداً
r من بين
سائر البشر في ذلك الزمن أسرار الجهاز الهضمي والجهاز الدوري ودقائق ما يجري
في غدد اللبن إلا الذي يعلم السر في الأرض والسماء ويعلم أسرار ما خلق من
الكائنات ، فيكون ذلك شاهداً على أن القرآن نزل بعلم الله وأن محمداً رسول
الله. قال تعالى :﴿لَكِنْ
اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ
وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(166)﴾[النساء:166]
.
[1] (يكون غاز
الهيدروجين وحده وهو أخف العناصر أكثر من 74% من مادة الكون، يليه في الكثرة
غاز الهليوم، ثاني أخف العناصر ، الذي يكون أكثر من 24% من مادة
الكون)
[2] إن التفاعل الأساسي الذي يولد
كميات الطاقة الهائلة التي تشعها الشمس ومعظم النجوم الأخرى سببه الاندماج
النووي لعنصر الهيدروجين وتحوله إلى هليوم، الذي تندمج ذراته بدورها مكونة عناصر أثقل وصولاً إلى عنصر الحديد
.
[3] بينما لا تزيد درجة
حرارة الشمس عن 600 ألف درجة عن سطحها و20 مليون في باطنها
.
[4] انظر كتاب إنه الحق ، الشيخ
عبدالمجيد الزنداني ص67
– مطابع المحرابي
.
[5] وأن وراء كل اكتشاف من هذه
الاكتشافات جائزة نوبل .
[6] أشكل على بعض
العلماء قوله تعالى:
﴿وأنزل
لكم من الأنعام ثمانية أزواج﴾فلم يتصوروا إمكانية نزول الأنعام
من السماء وقد دلت الكثير من البحوث المتعلقة بالحياة على عجز علماء الحياة
أن يخلقوا مادة حية من مكونات الأرض فقرروا أن الحياة قد جاءت من خارج الأرض
وقد قرر القرآن أن آدم نزل من الجنة إلى الأرض فما الذي يمنع أن يكون الله قد
أنزل هذه الحيوانات من مكان في السماء إلى الأرض بطريقة يعلمها الله
.
[7] أسرار المحيطات ، دار
الكتاب العربي ، 1996م .
[8]
Wikipedia, the Free
Ency
clopedig
[9] يزداد ضغط الماء على الغواص
بمقدار ضغط جوي واحد كلما نزل على عمق عشرة أمتار .
[10] عند نزول الغواص إلى
هذه الأعماق فإن غاز النتروجين يذوب في الدماء تحت الضغط العالي فإذا ما
ارتفع الغواص فجاءة نتيجة لفقدان السيطرة على
حركته فإن الضغط يخف ويخرج غاز النتروجين فائراً كما تخرج الغازات الذائبة في قارورة المياه الغازية عند
رجها.
[11] في عام1520م استطاع
ماجلان أن يعبر المحيط الهادي بمساعدة ملك البرتقال و في عام 1522م تمكنت هذه
السفن من أن تبحر حول العالم .
[12] في عام 1872م تم
إبحار السفينة “تشالنجر” في رحلة بحث علمية لدراسة
البحار، مما ساعد على توفير معلومات علمية عن البحار
.
[13] تشبه الخياشيم
.
[14] في عام 1960م وفي
الثالث والعشرين من يناير نزلت الغواصة (تريستا)
وهي عبارة عن كرة من الصلب جدارها يبلغ سمكه 9 سنتمترات وبإمكانها الهبوط والصعود فقط وعلى متنها كلاً من :
دونالد والش وجاكوى بيكارد وبعد أربع
ساعات من الهبوط لمسافة 11كلم تم الوصول لأعمق منطقة في المحيط الهادي (خانق
مريانا) واكتشف الإنسان لأول مرة بواسطة هذه
الغواصة وجود براكين تحت الماء وعيون ماء حارة وكثير من الأحياء المائية
.
[15] في عام 1962م تمكن
غواصون من البقاء لمدة أسبوع في أول غرفة تشبع "كونشلفIa
" وهي بيوت مائية للغواصين
.
[16] في عام 1977م تم
اكتشاف وجود حياة في فوهات أعماق البحار وعثرت
مركبة (نوتايل) على فوهات في أعماق البحر قرب المكسيك يتدفق منها الماء وهو
في درجة 350ْم وحين يرتفع ماءها فوق الصخور يتفاعل مع المعادن ليتحول إلى
اللون الأسود ويصبح شبيهاً بالمدخنة ، كما تم صناعة غواصة الأبحاث الأمريكية
(ألفين) القادرة على الغوص إلى عمق 3650متر
.
[17] في عام 1995م صمم
البريطاني روبرت ليدز غواصة صفراء تشبه الصحن الطائر معدة للاستخدام التجاري
ويمكن بها مراقبة الأسماك على عمق يصل إلى خمسين متراً
.
[18] صناعة الغواصات
النووية([18]) : لم
يكن باستطاعة الغواصات الصغيرة التي تعمل بالبطاريات من البقاء مغمورة في
الماء أكثر من بضعة أيام فقام الإنسان بصناعة الغواصات التي تعمل بالطاقة
النووية والتي يمكنها البقاء لأكثر من سنتين وهي كبيرة الحجم وتحمل طاقماً
كبيراً، وتعتبر الغواصة الروسية (تايفون) من أكبر
الغواصات حيث تزن أكثر من 25ألف طن وطولها 172متراً ، والغواصة الروسية كورست التي غرقت في أغسطس 2000م وهي تزن 18 ألف طن وعلى
متنها 118فرداً في بحر بارتنس.
[19] يعود أول تفسير
علمي لظاهرة الأمواج الداخلية للدكتور (ف.و. ايكمان V.W
Ekman) في عام
(1322هـ- 1904م) الذي فسر ظاهرة المياه الراكدة في الخلجان النروجية حين تفقد السفن التي تبحر قدرتها على التقدم
فتقف ساكنة في هذه المياه الراكدة ، كما لاحظ عالم المحيطات النرويجي (فريتوف نانسن
Nansen) تعرض سفينته (فرام
Fram) لهذه الظاهرة شمال جزيرة (تايمير) خلال عملية استكشاف القطب الشمالي ما بين
(1311هـ-1893م) و (1314هـ-1896م) عند محاولة اجتياز منطقة القطب .
لذلك فقد
قام نانسن بتشجيع ايكمان على البحث عن تفسير ظاهرة المياه الراكدة فكان
رأي ايكمان على أنها تنجم عن الأمواج الداخلية
التي تتولد في السطح الفاصل بين المياه السطحية والمياه العميقة للمحيط ،
وبعد زمن غير طويل وصف (أوتو باترسون Otto
petterson) تأثير
الأمواج الداخلية الطويلة التي تحدث في أعماق البحار على هجرة الأسماك من نوع
(هيرنج
herring) بالقرب من سواحل
جوتلاند (Jutland) بالقرب من الساحل الغربي للسويد
في فصل الصيف .
ويكون
مرور الأمواج الداخلية محسوساً من سفن التنقيب عن النفط عندما يتغير ثقل
المعوم المربوط بين سفينة الحفر وفتحه البئر الكائنة في قاع البحر بصورة
مفاجئة وتم التعرف على هذه الأمواج الداخلية بأثيرها على حركة الغواصات
.
[20] أول من وصفه في
الكتب العلمية كلاً من سيلادى وسيشنى Ciladi and Secchi في عام 1281هـ-1865م وهو عبارة
عن قرص أبيض ذى قطر معين يتم إنزاله في الماء
ليسجل العمق الذي تتعذر رؤيته كنقطة قياسية ولايزال هذا القرص قيد الاستعمال حيث يكفى لتحديد قياس
تقريبي لشفافية الماء.
[21]
Fol, H. and Sarasin, E. 1884, Sur la penetration de la lumiere du jour dans les eaux du lac de Geneve: Com- ptes Rendus des seances do l’Academie des Sciences, pp 624-627.
[22] من المعروف الآن أن
كمية الضوء التي تنفذ إلى أعماق البحار تتناقص تناقصاً رأسياً وفقاً لما يراه
(جيرلوف Jerlov) فينخفض مستوى
الإضاءة في مياه المحيط المكشوفة إلى نسبة
10 % عند عمق
35م من السطح وتنخفض
إلى 1% عند
عمق 85متر وإلى
.1% عند عمق
135 م ، وإلى
.01% عند عمق
190م وإن أفاد بعض
الذين قاموا بالدراسة والمراقبة من الغواصات لمدد طويلة أنهم تمكنوا من رؤية
الضوء في أعماق تزيد على ذلك ويرى كلاً من (كلارك)
و (دنتون) أن الإنسان يستطيع أن يرى الضوء المنتشر
على عمق 850م، ومن
الواضح أن الأسماك التي تعيش في أعماق البحار ترى أفضل من ذلك إلى حدٍ ما،
وهي قادرة على اكتشاف الضوء المنتشر حتى عمق 1000متر مع أن شدة الضوء
عند هذا العمق تبلغ [1×10-13 من شدته
عند السطح] .
[23] الأطوال الموجية .
[24] تقوم السحب بامتصاص
جزء من الأشعة وتشتيت جزء آخر والسماح بنفاذ بقية الأشعة .
[25] إذا أحدثت موجات في
إناء ماء كبير فإنك سترى ظلاً لتلك الأمواج في قاع الإناء
.
[26] في مقابلة مع
الدكتور/ فاروق الباز .
[27] إنه الحق ص78 ،
للشيخ/ عبدالمجيد الزنداني .
[28] الميكرون : 001, 0 من المليمتر
.
[29] يمكن الكشف عنها
باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني .
[30] نتيجة إحلال أو
استبدال السلكون الرباعي الشحنة بالألمنيوم
الثلاثي الشحنة أو إحلال المغنسيوم الثنائي الشحنة
أو الحديد الثنائي الشحنة محل الألمنيوم وهذا الاستبدال يغير حالة التوازن
فينتج عن ذلك شحنات سالبة غير معادلة ، والمصدر الآخر للشحنة هو التكافؤات الناقصة عند الحافات المحطمة لصفائح السلكا والألمنيوم
[31] انظر الموسعة
البريطانية (قرص مدمج) ،
موسوعة إنكارتا ميكروسوفت 2002 (قرص مدمج).
انظر أيضاً "مدخل إلى فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي"
د. محمد عابد الجابري ص323 .
[32] ربت الأرض ربواً :
عظمت وانتفخت .
[33] أيونات : مفردها أيون
، وهو ذرة أو مجموعة من الذرات فقدت أو اكتسبت
إلكترون أو أكثر .
[34] راجع كتاب أساسيات
فيزياء التربة للدكتور/ دانيل هليل – الطبعة العربية
ص104.
[35] الكهرباء الساكنة .
[36] ينبغي التفريق بين
تشبع التربة وانتفاخها فالتشبع يعني امتلاء الفراغات بين حبيبات التربة
بالماء وهذا يمكن أن يحصل في وقت قصير أما الانتفاخ فسببه تغلغل الماء في
أجزاء حبيبة التربة المفردة وهذه عملية بطيئة وخاصة في التربة الطينية الأمر
الذي يتطلب غمر بعض أنواع التربة بالماء مدة طويلة لتنتفخ.
انظر
الموقع : www.extension.umn.edu
تحت عنوان: How to run a
percolation test-
[37] معجم المقاييس في
اللغة .
[38] معجم المقاييس في
اللغة ، تاج العروس ، القاموس المحيط .
[39] القاموس المحيط .
[40] معجم المقاييس في
اللغة ، تاج العروس .
[41] تاج العروس ، المعجم
الوسيط .
[42] تاج العروس ، المعجم
الوسيط .
[43] تاج العروس ، ترتيب
القاموس المحيط .
[44] معجم المقاييس في
اللغة .
[45] لسان العرب ، والمعجم
الوسيط .
[46] لسان العرب لابن
منظور ، وترتيب القاموس المحيط ، معجم المقاييس في اللغة
.
[47] القرطبي 12/13 ، ابن كثير 3/234 ، الألوسي 9/114
[48] القرطبي 12/13
[49] ابن كثير 3/234
[50] ابن كثير
3/234
[51] القرطبي 15/365 ، الألوسي
12/377
[52] الطبري
24/122
[53] ابن كثير 4/103
[54] البخاري الجزء الخاص
بالتفسير 4/1817 القرطبي 12/13 الصنعاني 4/380 البيضاوي 4/115 مجاهد 2/571 الواحدي 2/828 أبو السعود 6/95 الدر المنثور 7/330 ،
الطبري 17/119 ، ابن كثير 3/209 ، الثعالبي 3/72 ، القاسمي 12/9 البغوي 3/275 ،
النسفي 3/96 ، زاد المسير 7/260 ، روح المعاني
24/126 .
[55] فتح القدير 3/517
القرطبي 12/13 البغوي
3/275
[56] التبيان في تفسير
غريب القرآن 1/301 .
[57] الثعالبي 3/72
.
[58] التبيان في تفسير
غريب القرآن 1/301 البيضاوي 5/116 القرطبي 12/13
الصنعاني 4/380 أبو السعود 6/95 و 8/15 ، الطبري
24/122 .
[59] الدر المنثور 7/330
.
[60] تفسير مجاهد 2/571 ،
ابن كثير 3/209 الثعالبي 3/72 ، زاد المسير
5/408.
[61] روح المعاني 9/115 ،
القاسمي 12/9.
[62] الواحدي 2/957 .
[63] الدر المنثور 6/11 ،
الطبري 7/119 .
[64] اخترع الميكروسوكب الضوئي على يد "زكاريا جانسن" في هولندا. راجع موسوعة اكسفورد المجلد 9 ص105 .
[65] اخترع على يد
المهندس الانجليزي "Sir Charles
Oatley" أما الميكروسكوب الالكتروني
الناقل والذي يمكن استخدامه أيضاً في فحص الوحدات البنائية للطين فقد أخترع في عام 1932م على يد المهندسين
الألمانيين "ماكس نول" و"ايرنست رسكا". انظر موسوعة إنكارتا
ميكروسوفت 2002 (قرص مدمج) ، أساسيات فيزياء التربة ص144 لمؤلفه دانيل هليل ، قسم علوم النبات
والتربة جامعة ماسيشيو سيتز أميرست – ماسيشيو شتز ، الولايات
المتحدة الأمريكية .
[66] ففي حوالي 1866م
صنع جهاز تقطيع الأنسجة المكون من سكينين متوازيين من قبل هيس (His) ليتم تحضير الأنسجة كشرائح تحت
عدسة المجهر. (تاريخ العلوم العام - العلم المعاصر – القرن التاسع عشر، ص400)
وكان
ميير
Meyer في عام 1883م أول من ألصق
الشرائح فوق الشفرات بواسطة زلال البيض. (تاريخ العلوم العام - العلم المعاصر
– القرن التاسع عشر ، ص400) وفي عام
1902م صنع (ف . أ .ايفس) (Ives) مجهراً ثنائي العينية ، ثم طور
هذا المجهر حتى عام 1938م وبواسطته تم فحص خلية حية في ظروف جيدة جداً.
(تاريخ العلوم العام – العلم المعاصر – القرن العشرين ص704-705
)
أما
الثورة العلمية الكبرى في القرن العشرين فكانت في اختراع المجهر الإلكتروني
الذي بواسطته زاد تكبير المجهريات من 2500 إلى
(50أو70) ألف مرة وبين عامي (1952-1953م) وخلال القرن العشرين أيضاً درست
العضويات الخلوية . وهي الأعضاء التي تتكون منها
الخلية والتي تم اكتشافها في نهاية القرن التاسع عشر من حيث التركيب والوظيفة. (المرجع السابق ص705) . كما تم توضيح
آليات الهضم بصورة تدريجية وبصورة خاصة من خلال فيزيولوجيا الأنسجة والكيمياء الحيوية. (تاريخ العلوم
العام – القرن العشرين ص682)
[67] في عام 1833م قام
(واو. بومونت) بتقديم الملاحظات حول مكونات المعدة
والإفرازات المعدية
.
استكشف
(كلود برنار) فيزيولوجيا العصائر الهضمية في
البداية، ثم اللعاب (1847م) والعصارة المعدية (1843م) وعصارة البنكرياس ، ..
الخ .
وأثبت
دور البنكرياس في هضم الشحوم ، وحلل هضم السكر مما قادة إلى اكتشاف مهم وهو
وظيفة الكبد الجليكوجنية (1848م) ثم استطاع عزل
مادة الجليكوجن : (الماة الكاربوهيدراتية الرئيسة التي تخزن في الكبد والعضلات
المستقرة وهي سكر متعدد ويتكون من سلسلة طويلة من وحدات الجلوكوز التي تتحلل
إليها عندما تقوم الحاجة إلى الطاقة) في عام 1855م. (تاريخ العلوم العام –
القرن التاسع عشر ص474) وفي عام
1850م أنجز (ف. شولز F.Schulze) اختباراً للسليلور : (المكون التركيبي الأساسي لجدران الخلايا
النباتية ويدخل في صناعة الأخشاب والورق والمنتجات الليفية وتستخدم مشتقاته
في صناعة اللدائن وأفلام التصوير الفوتوغرافي والمتفجرات والأغذية (من
الموسوعة البريطانية) . وفي عام
1865م استخدم (ماكس شلتز Max Schultze) أوكسيد دويميوم لتلوين المواد
الدهنية في الأنسجة الحيوانية وبه تم معرفة الدهون
في الأنسجة الحيوانية .
وابتكر
بافلو في عام (1890م) تقنية فيزيولوجية لدراسة (إفراز المعدة )
.
[68] تاريخ العلوم العام –
العلم المعاصر – القرن العشرين – ص682 .
[69] هرمون معوي يحث
البنكرياس والكبد على الإفراز، وهو أول هرمون نموذجي بالمعنى الدقيق للكلمة
التي اخترعها ستارلنغ عام 1905م . (تاريخ العلوم
العام – العلم المعاصر –القرن التاسع عشر
ص481)
[70] تاريخ العلوم العام –
العلم المعاصر – القرن العشرين ص683 .
[71] تاريخ العلوم العام –
العلم القديم والوسيط ص513 .
[72] تاريخ العلوم العام –
القرن التاسع عشر ص471 .
[73] المرجع السابق ص474
.
[74] المرجع السابق ص476
.
[75] المرجع السابق ص482 .
[76] التي تتكون في
الحيوانات المجترة من أربع ردهات .
[77] هي منتجة أحماض دهنية طيارة كالخليك والبروبيونيك واليبوتريك
علاوة على اللاكتيك وثاني أكسيد الكربون والمبتمان .
[78] منتجة بيبتيدات وأحماض أمينية في
الدم أو تدخل في بناء البروتين البكتيري
.
[79] كالتربين ، كيموتربين ، أميليز ، ليبز ،
يتيديز، مالتيز
.
[80] يمكن تحريكه داخل
الأمعاء بسهولة كما يفعل الجزار عند تخلصه من فرث الأمعاء ويمكن امتصاص
المواد الغذائية التي تحولت إلى جزيئات بسيطة بواسطة الخملات .
[81] وهي عبارة عن بروزات
أو نتوءات تغطي سطح بطانة غشاء الأمعاء الدقيقة لكي تزيد من سطح الامتصاص،
حيث تبلغ هذه المساحة في الأبقار حوالي 17م2 (رعاية الحيوان
ص142).
[82] منها : - 1لأسموزية
أو الانتشار .
- النفاذية لاختلاف الشحنات الكهربية
.
- بالفعل
الحيوي للأنسجة الطلائية أي بالاختيارية
.
[83] (لاحظ أن جهاز جولجي يسهم في معالجة بروتينات اللبن وصناعة اللاكتوز
والسحب الاسموزي للماء) ويفرز سكر اللبن ومعظم
الماء عبر حويصلات الإفراز مع بروتينات اللبن
.
[84]
في القاموس المحيط.
[85]
الفيروزأبادي/ وابن منظور في لسان
العرب. |