مع تحيات موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة                   www.55a.net

المقدمـة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران:102) ,﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (النساء:1) .

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (الأحزاب:70-70) .

أما بعد ، فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .

لقد بين الله ورسوله أن الإيمان أفضل الأعمال كما قال سبحانه : ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (التّوبة:19)

وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل : أي العمل أفضل ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : (إيمانُُ باللهٍ ورسولهِ ، قيلَ ثُمَ ماذا ؟ قال : جهادُُ في سبيله)(1) .والإيمان هو الأساس الذي يربط العبد بربه ، ويثمر الحب والخوف منه سبحانه ، ويحفز العبد على الاندفاع إلى الطاعات واجتناب المعاصي. وبه يفوز المؤمنون في الدنيا والآخرة .ولقد عرفنا الله ورسوله بأن الإيمان يشتمل على اليقين القائم على الدليل وعلى الشهادة بما استقر في القلب من يقين ، وعلى الإسلام والانقياد لله ورسوله .

وأبحاثنا في هذا الكتاب ستشمل بإذن الله ذلك كله وفق المنهج القرآني والنبوي ، الذي يقدم القضية بأدلتها المقنعة ويهيج القلب بمواعظه المؤثرة ، ويجعل من الغيب صورة حسية مشاهدة .

والقرآن يعرفنا بربنا بمخاطبة العقول ، و دعوتها للنظر في آيات الله ﴿إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ(3)وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ ءَايَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(4)وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ءَايَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(5)تِلْكَ ءَايَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَءَايَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ (الجاثية:3-6).

كما يدلل القرآن على الإيمان بالله بمنهج عملي محسوس يعرفه المؤمنون ، ويراه المستغيثون به سبحانه والمتمثل في إجابة الله لدعائهم. قال تعالى : ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ (النمل:62) .

ويسوق القرآن وكذا السنة بينات الرسل ومعجزاتهم للتدليل على صدق الرسالة فلا يبقى مجال لشك أو ريب ، كما قال تعالى في وصف المؤمنين : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ (الحجرات:15) .

وهذا المنهج هو منهج الرسل جميعاً كما قال تعالى :﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ (الأنعام:75) فرؤية آيات الله في الكون هي طريق لليقين والإيمان به سبحانه .

والعلم ببينات الرسل هو الطريق لمعرفة صدقهم كما قال تعالى على لسان موسى عليه السلام وهو يحاور فرعون عن الآيات التي أيده الله بها لإظهار صدق رسالته : ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾ (الإسراء:102).

وأقام الله الحجة على الناس بهذه البينات فقال تعالى : ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحديد:25).

وللقرآن أسلوبه المتميز في مخاطبة العقل، وإيقاظ الفطرة، وحشد الأدلة، وتحدي الكافرين ، ومعالجة الوساوس، مما أثمر ذلك الجيل الإيماني الفريد من الصحابة والتابعين، وتابعيهم بإحسان .

ومع توسع الفتوحات ، اختلط المسلمون بغيرهم واحتكوا بثقافاتهم ، وأراد بعض المسلمين إقامة الحجة الإيمانية على غيرهم بمجاراتهم في مناهجهم، فظهر علم الكلام والفلسفة، وتعقد ما كان سهلاً ، وخبا ما كان مضيئا ، وقست القلوب التي كانت لينة بذكر ربها . ونهض العلماء المحققون للرد على تلك المناهج وتفنيد ما نشأ من شبهات الفلسفة وعلم الكلام، ثم جاء دور التقليد فزاد الأمر سوءاً فقلد المسلمون في اكتساب الإيمان غيرهم من الأمم ، و قلدوهم فيما يجلب الشك والشبهات ، وتصدى عدول علماء الأمة لتمييز الحق من الباطل ففندوا تلك الأباطيل وردوا تلك الشبهات .

ثم هجم المستعمرون وقد تهيأ المسلمون نفسيا ، لتقليد الأقوياء وإن كانوا كافرين، كما جاء في الحديث : (لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ مَن كان قبلَكم شبراً شبراً وذراعاً بذراعٍ حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍ تَبِعْتُموهُم …)(2) ، واعتدى المستعمرون على آيات الإيمان في الكون وألبسوها زوراً ثوب الإلحاد ، واعتسفوا الحقائق، وأعرضوا عن الدلالات وأثاروا الغبار حول معجزات الرسل وبيناتهم ، واخترعوا الأباطيل وروجوا الشبهات .

فكان لابد لمن يريد العلم بالإيمان وحقائقه أن يتجه إلى النبع الصافي في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ليحرر الحق من بين الركام الهائل من نظريات الإلحاد ومتاهات الفلسفة ، وظنون أهل الكلام ، ومقولات أهل التقليد وشطحات أهل الغلو .لذلك عقدنا العزم مستعينين بالله على إخراج كتاب في علم الإيمان لطلاب جامعة الإيمان .

h        يعرض لهم آيات الله في الكون ليشاهدوا بأعينهم أدلة الإيمان بالله ربهم وخالقهم.

h       ويروا آثار حكمته ، وخبرته ، وعلمه ، وقدرته ، ورحمته ، وقوته ، وهدايته ، وحفظه ، ووحدانيته ماثلة في ملكوت السموات والأرض ، أمام أبصارهم ، ويحرر هذا الكتاب العلوم الكونية مما ألبسها الملاحدة من أثواب الإلحاد والكفر ويضعها في مسارها الصحيح دليلاً على الإيمان وبرهاناً عليه .

h       ويسجل لهم الوقائع، ويوثق أمامهم الحوادث الدالة على أنه السميع المجيب ، الذي يسمع عباده ، ويراهم فيجيب دعاءهم ، ويكشف عنهم السوء ويدعوهم ليروا ذلك بأنفسهم .

h       ويحرك العقول لتتعرف على خالقها وتستدل على الإيمان به سبحانه بمناهج عقلية سليمة ·        ويوقظ الفطرة ، ويذكرها بخالقها ، ونعمه التي لا تحصى .

h        ويركز الضوء على معجزات وبينات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها آمن الأولون ، وتجددت على مر القرون ، وأشرقت بإعجازها العلمي في الآفاق والأنفس ، في عصر الاكتشافات الواسعة لأسرار السماء والأرض .

h        ويسوق الأدلة على اليوم الآخر ، ويجلي حقائقه ويرينا صوره، ويكشف أسراره، وينقل أخباره ، وأحوال الناس فيه من أهل النعيم وأهل الجحيم ، من مصادره الصحيحة الموثوقة التي قام الدليل النقلي والعقلي على صدقها .

h        ويعرف بأركان الإيمان وأدلتها وأثرها في حياتنا ، بالأدلة الواضحة والموعظة المؤثرة .

h        ويلقى الضوء على شعب الإيمان ، توضيحاً وبياناً ، وتدليلا .

h       كما يرد على شبهات الكافرين والمشركين والمنافقين ، والمتخبطين في ظلمات الحيرة والتأويل الفاسد ، والأقيسة المنطقية الركيكة .

h       ويربط اليقين بالقول والشهادة وبالسلوك المستقيم والخلق القويم .

h      ويأخذ بيد الطالب ليعرف حقيقة الأديان ، وكيف حُرّفت ، وكيف يُحاور أهلها بالتي هي أحسن

h        ويطلعه على انحرافات الفرق الإسلامية ، التي زاغت عن الكتاب والسنة وكيف زلت بها الأقدام ، ليتجنب ما وقعت فيه ، ويتعلم كيف يحاورها بالحكمة والموعظة الحسنة .

h       ويقف الطالب على نظريات الملحدين المعاصرين ، وشبهاتهم التي تعارض الدين، والتي تروجها أجهزة الإعلام ووسائل الثقافة والتعليم في عصرنا، ويتبين ما فيها من الأوهام والضلال ، ويتسلح بالأدلة العلمية القطعية التي تكشف الزيف، وتجلى الحق أمام العقول .

h        ويعرض للطالب شطحات الفلاسفة الأولين فيما خالفوا به الدين ويبين لهم مواطن الخلل في مقولاتهم وحجة الدين الدامغة لتلك المقولات .

h       كما تتعرض سلسلة علم الإيمان بإذن الله إلى القضايا المتعلقة بالإيمان ، والكفر ، والنفاق ، ونواقض الإيمان ، والردة،والتكفير،وحقيقة الإسلام والعبادة ، والبدعة والسنة،مما شغل علماء الإسلام الباحثين في هذا المجال

h        أما هذا الجزء من السلسلة فقد تعرض للأبحاث الآتية :

1-  الفصل الأول وقد اشتمل على تعريف لعلم الإيمان ومجالاته ومكانته وحكم  تعلمه، والأدوار التاريخية التي مر بها بصورة إجمالية ، وإيمان المقلد ،  وأهمية الإيمان في الدنيا والآخرة ، ومراتب أهل الإيمان .

2-  الفصل الثاني وقد تعلق بالإيمان بالله ، والعلم به سبحانه وبيان وسائل العلم به والأدلة العقلية ، واشتمل على بيان البراهين والآيات الكونية وكيفية الاستدلال بها على الإيمان بالله وصفاته ، ونموذج من المناقشة مع بعض كبار الملحدين .

واستعرضنا بعض آيات الله في الهواء والماء والسحب والأمطار والشمس ، كما ألقينا الضوء على بعض آيات الله في العظام التي ينشزها سبحانه ويكسوها لحماً فتتكون منها أجسامنا .

وبينا المنهجية العلمية الصحيحة لمشاهدة تلك الآيات والبراهين التي تجعل قضية الاعتقاد أمراً مشاهداً ودليلاً ملموساً كما قال تعالى ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ (الأنعام:75) وقدمنا بذلك نموذجاً لكيفية النظر في حقائق العلوم الكونية ، وتصحيح مسارها ووضعها حيث أراد الله دليلاً على الإيمان به وبرهاناً على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وخلعنا عنها ثوب الإلحاد الذي ألبسها الملحدون زوراً وبهتاناً .

كما تضمن هذا الفصل معنى لا إله إلا الله ، وفضلها ، وأثرها في حياة المسلم ، وبينا ما يتناقض معها من الاعتقاد أو القول أو العمل واشتمل هذا الفصل رداً على أبرز شبهات اليهود الذين قالوا لموسى (أرنا الله جهرة)، وأبرز شبهات الجاهلين من العرب الذين اشترطوا لإيمانهم أن يستجيب الله لمقترحاتهم ، والرد على أبرز شبهة لأهل عصرنا الذين يتساءلون : من خلق الله ؟

3-  واشتمل الفصل الثالث على الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان الأدلة التي بشرت بمقدمه في التوراة والإنجيل وكتب البراهمة وغيرهم ورجعنا إلى المصادر التي يقر بها أهل هذه الأديان، واستعرضنا ما دلت عليه في التبشير بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم وتحديد اسمه ونسبه وموطنه ووصف دينه واستعرضنا بعض البشارات التي استدل بها علماء المسلمين مما كانوا يجدونه في قرونهم المختلفة وطالتها يد التحريف والكتمان من أهل الكتاب وصدق الله القائل: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ (الرّعد:43) فمن عَلِم بالكتب السابقة وما فيها من بشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق بعشرات القرون ، علم وأيقن بصدق الرسول والرسالة .

وركز الفصل الثالث على المعجزة القرآنية الباقية بين أيدينا والتي يمكن لأمم الأرض وأجيال البشرية مشاهدتها ليعرفوا صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. فبينا نماذج مما اشتمل عليه القرآن من إعجاز يتعلق بكشف أستار الغيوب المجهولة وكشف حقائق الغيب الذي مضى سواءً في أسرار خلق الكون أو تفاصيل تاريخ الدين والأمم والشعوب والرسل الذين أرسلوا إليها ، وتعرضنا لبيان الغيب الذي كشفه الله لرسوله مما كان يدور في قلوب الناس فيطلع الله رسوله عليه ، كما بينا نموذجاً لما كشفه القرآن من غيب المستقبل وكيف يستدل بذلك كله على أن هذا القرآن من عند الله .

وقدمنا أربعة أمثلة من المعجزة العلمية في القرآن في مجال الاكتشافات العلمية في آفاق الكون ، ووضحنا كيف أخبر القرآن الكريم عن أسرارها الدقيقة التي كانت مجهولة عند جميع البشر وقت نزول القرآن ،وأن اكتشاف تلك الأسرار في مجال علوم البحار ، وتشريح الإنسان ، وعلوم الأرض ، وعلم النبات قد استغرق جهود فرق كثيرة من الباحثين ، استخدموا أدق الآلات وأعقد الأجهزة العلمية حتى انكشفت لهم تلك الحقائق والأسرار . وبينا أن القرآن قد وعد بكشف هذه المعجزات العلمية التي تجلت في عصرنا لتكون دليلاً على أن القرآن هو الحق من عند الله كما قال تعالى : ﴿سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (فصّلت:53) .

4- ويتحدث الفصل الرابع عن حقيقة الحياة الدنيا والموت ، فيبين بالأدلة الحسية أن الإنسان ما خلق عبثا ، وأنه خلق لحكمة وهي أن يعمل في الدنيا وفق مراد الذي خلقه، وأن مراد ربه يتمثل في أن يقضي الإنسان مدة على الأرض لأداء الامتحان والاختبار في موضوع عبادته لربه ، فيستحق الثواب أو العقاب في الدار الآخرة وفقاً لنجاحه أو فشله في الامتحان ، كما بينا مقدار الخسارة التي تلحق بالذين يغيرون الحكمة التي خلقوا من أجلها .

وتضمن الفصل الرابع الحديث عن الموت وحقيقته وأجله والموعظة منه والحكمة من ورائه ، وحال المؤمن والكافر عند الموت .

5- واشتمل الفصل الخامس على تقديم الأدلة النقلية والعقلية على اليوم الآخر ، وبيان أثر الإيمان باليوم الآخر وأهميته في صلاح سلوك الإنسان في حياته الدنيا .

ولقد وفقني الله بصحبة من الباحثين الفضلاء أعضاء مجموعة الإيمان العاملة في جامعة الإيمان ، الذين بذلوا جهدهم الجاد فيما كنت أكلفهم به من جمع وتحقيق لبعض المسائل ، أو القيام بالترجمة واثبات المراجع ، كما شاركوا في استعراض الكتاب كلمة كلمة وساهموا بجهد مشكور في الصياغة وفي تحضير الصور والأشكال ووضعها في أماكنها ، وفي ترجمة الأعلام وتخريج الأحاديث والإِشراف على الطباعة. فجزاهم الله عني وعن الجامعة وطلابها وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، وإني لأرجو من الله سبحانه أن تكون إسهاماتهم في الأجزاء الباقية من هذا الكتاب أكبر .

وهذا الجهد نضعه بين أيدي طلاب العلم والدارسين والمثقفين من أبناء المسلمين فإن احسنا فمن توفيق ربنا ، وإن أسأنا أو قصرنا فمن أنفسنا. وجزى الله عنا خيراً من أكمل نقصنا أو أهدى لنا نُصحه لتدارك عيوبنا .

ويسرنا أن نضع هذا العمل بين أيدي أبناء أمتنا الإسلامية ، نهديه لكل مسلم ، متنازلين عن أي حق من حقوق الطبع والترجمة ونشترط على من يطبع الكتاب أو يترجمه أن يتحرى الدقة العلمية وأن لا يغالي في ثمن بيعه كما نطلب من كل مسلم قادر على نشر الكتاب أن يسهم بكل ما يستطيع لنشره أو تدريسه كما نطلب ممن يطلع على هذا الكتاب أن لا يحرمنا من دعوة خالصة تكون لنا ذخراً عند ربنا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

صنعاء فــي : 8 ذو الحجة 1420هـ

المؤلف :

عبدالمجيد بن عزيز الزندانـــي

المساعدون أعضاء مجموعة الإيمان بالجامعة

عبدالله بن علـي الجـوده              شاكــر بن نصيف لطيف

صالح بن عبدالقوي السنباني    عبدالرحمن بن يحيى الغميري

عبدالملك عبدالرزاق اليوسفي  فاروق بن زكي مــرزوق

عبدالله بن عمر الكنـــدي


(1)أخرجه البخاري ك/ الإيمان ب/ من قال : إن الإيمان هو العمل ، ومسلم ك/ الإيمان ب/ بيان كون الإيمان بالله أفضل الأعمال ، وابن حبان في صحيحه 1/366 .

(2)أخرجه البخاري ك/ الاعتصام بالكتاب والسنة ب/ومسلم ك /العلم ب/اتباع سنن اليهودوالنصارى