مع تحيات موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة                   www.55a.net

 

 ثانياً : صور الشرك الأكبر في العبادات العملية

من صوره في العبادات العملية ما يأتي :

أ- عبادة الأصنام[122] والأوثان والأموات على زعم أنها تقرب العابدين لها إلى الله فأنكر الله عليهم فعلهم بقوله سبحانه﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ[123] مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ(3)﴾ [الزمر:3]. وقال تعالى : ﴿...فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ...﴾  [الحج:30] وقال تعالى : ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(74)﴾ [الأنعام:74] . وقد عاب إبراهيم عليه السلام على قومه عبادة الأوثان فقال كما حكى الله عنه :  ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(17)﴾ [العنكبوت:17] .

ب- الشرك في الدعاء :

إن المخلوق محتاج أشد الحاجة إلى خالقه سبحانه ، بل كل ذرةٍ فيه بحاجة ماسة إلى ربه سبحانه الغني القوي القادر ، فهو محتاج إلى دوام الاتصال والطلب واللجوء إلى خالقه ورازقه سبحانه ، ولذلك كان الدعاء من أعظم أنواع العبادة ، وقد أمر الله به فقال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60)﴾ [غافر:60].

 بل قال النبي r: الدعاء هو العبادة " ثم قرأ الآية المذكورة.[124]فمن دعا غير الله سواء كان ملكاً مقرباً ، أو نبياً مرسلاً ، أو ولياً من الصالحين أو جنياً من الشياطين ، أو أي مخلوق حياً أو ميتاً فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه من جلب نفع أو كشف ضر أو قضاء حاجة أو نحو ذلك من المطالب فقد أشرك بالله شركاً أكبر.[125] ولما كان الشرك في الدعاء من أعظم أنواع الشرك ، نّوع سبحانه أساليب النهي والزجر عنه في القرآن الكريم . قال تعالى ناهياً عن دعاء غيره  ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18)﴾ [الجن:18] وقال ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ(106)﴾ [يونس:106] .وقال : ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ(213)﴾ [الشعراء:213]. وقال سبحانه مبيناً فقر وعجز من يُدعى من دونه : ﴿...وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ(13)إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ(14)﴾ [فاطر:13-14] .وقال سبحانه : ﴿قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ(22)﴾ [سبأ:22] .وقال سبحانه : ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ(73)﴾ [الحج:73] . وبيّن سبحانه أن من دُعي من دونه لا يستطيع نصر نفسه ، فكيف ينصر غيره ؟! فقال ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ(197)﴾ [الأعراف:197] بل بين أن المشركين هم جنود يحمون آلهتهم التي يعتمدون عليها لنصرهم! فقال:  ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ(74)لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ(75)﴾ [يس:74-75] . وبين أن بعض من يُدعى من دونه ، هو نفسه يرجو من الله الرحمة ويطلبها منه ، فكيف يدعى من دون الله ؟! قال تعالى: ﴿قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا(56)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا(57)﴾ [الإسراء:56-57] . وبين أن من يُدعى من دونه لا يملك ضراً ولا نفعاً ، فقال: ﴿...قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ(38)﴾ [الزمر:38] .وقال سبحانه : ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(71)﴾ [الأنعام:71]. وقال سبحانه مبيناً حال المشرك في ضلاله حين يدعو غير الله : ﴿يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ(12)يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ(13)﴾ [الحج:12-13] .وقال سبحانه : ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ(5)﴾ [الأحقاف:5]. وذكر سبحانه أنه إذا دهمت الخطوب المشركين فإنهم ينسون آلهتهم الباطلة ، ويدعون الله وحده مخلصين له الدين لعلمهم بأنه لا ينجيهم إلا هو، فإذا ما نجوا من الشدائد رجعوا إلى شركهم فذمهم سبحانه على ذلك بقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ(63)قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ(64)﴾ [الأنعام:63-64].وقال سبحانه : ﴿...حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ(22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ...﴾ [يونس:22-23] .

ولذا قال النبي rآمراً بالسؤال من الله وحده : [إذا سألت فاسأل الله].[126] وحذر من دعاء غير الله فقال : [من مات وهو يدعو من دون الله نِدّاً دخل النار..].[127]وأجمع العلماء على كفر من دعا غير الله تعالى ، وجعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم .قال ابن تيمية رحمه الله : من أعظم أنواع الشرك دعاء الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم، وعند قبورهم، وفي مغيبهم، وخطاب تماثيلهم والاستغاثة بهم، وطلب الشفاعة منهم ، وهو من الدين الذي لم يشرعه الله ، ولا ابتعث به رسولا، ولا أنزل به كتابا، وليس هو واجباً ولا مستحباً باتفاق علماء المسلمين، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ، ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين، وإن كان ذلك مما يفعله كثير من الناس ممن له عبادة وزهد، ويذكرون فيه حكاياتٍ ومناماتٍ، فهذا كله من الشيطان، وفيهم من ينظم القصائد في دعاء الميت والاستشفاع به، والاستغاثة به ، أو يذكر ذلك في ضمن مديح الأنبياء والصالحين، فهذا كله ليس بمشروع، ولا واجبٍ، ولا مستحب باتفاق أئمة الدين، فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب .

ولم يكن النبي rبل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصالحين ويستشفعوا بهم ، لا بعد مماتهم ولا في مغيبهم.[128] وقال أيضا : فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ، ودفع المضار ، مثل أن يسألهم غفران الذنوب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين.[129]

الاستعاذة والاستغاثة والاستعانة بغير الله :الاستعاذة : هي الالتجاء والاعتصام والتحرز ، وحقيقتها الهرب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه .

والاستغاثة : هي طلب الغوث ، وتكون ممن أصابه كرب لمن يغيثه ، كما حدث من الرسول rوالصحابة في غزوة بدر. قال تعالى :  ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ(9)﴾ [الأنفال:9] ، وكما جاء في دعاء النبي r "يا حي يا قيوم برحمتك استغيث".[130]والله سبحانه هو القادر أن ينجي من استغاثه من كل كرب، قال تعالى : ﴿قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ(64)﴾ [الأنعام:64] وهو وحده الذي يجيب المضطر بما شاء وكيف شاء أو بقوة غيبية خارقة للسنن ، قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(62)﴾ [النمل:62] .والاستعانة : هي طلب العاجز للعون ممن يقدر عليه ، كما يفعله المصلون في كل ركعة عند قراءة الفاتحة  ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5)﴾ وكما أمر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : "وإذا استعنت فاستعن بالله".[131]

والاستعاذة والاستغاثة والاستعانة بغير الله من المخلوقات إذا كانت تطلب وفق سنن الله التي أجراها في الكون وجعلها في قدرة المخلوقين فليست شركاً كاستعاذة أفراد المجتمع بسلطة الدولة ، واستغاثة الغريق بمن ينقذه ، واستعانة المريض بالطبيب

أما من استعاذ أو استغاث أو استعان بغير الله معتقداً أنه يقدر على إعاذته أو إغاثته أو إعانته بقوة غيبية خارقة لسنن الله التي أجراها في الكون ، فذلك هو الشرك ، لأنه يتضمن اعتقاداً بأن لله أنداداً يسمعون استغاثة من استغاثهم أو استعاذتهم أو استعانتهم بقوة غيبية خارقة ، وأنهم يقدرون على التصرف في الكون كما يريدون ، والله سبحانه يقول :  ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ(13)إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ(14)﴾ [فاطر:13-14] .

ج- السجود لغير الله :

الركوع والسجود غاية الذل والخضوع ، فمن سجد أو ركع لغير الله كالصنم أو الشمس ، أو القمر ، أو الطاغوت ، أو أي مخلوق يعظمه كتعظيم الله فقد أشرك بالله ، لأن هذه العبادة لا تكون إلا لله سبحانه وحده. قال تعالى : ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(37)﴾ [فصلت:37].

وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ...﴾ [الحج:77] وقد ذكر سبحانه قصة سبأ وعبادتهم للشمس ، وحكى سبحانه ما قاله الهدهد لسليمان عليه السلام فقال :-

﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ(24)أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ(25)﴾ [النمل:24-25].وقد منع النبي rالانحناء عند الملاقاة ساداً لذريعة الشرك فعندما سئل عن الرجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له (قال لا ….).[132]

تنبيه :- سجود الملائكة لآدم عليه السلام إنما كان سجود تحيةٍ وتكريم لا سجود عبادة ، لأن الله سبحانه هو الذي أمرهم بذلك ، فامتثلوا أمره فسجودهم كان طاعة لله وعبادة له سبحانه بامتثال أمره ، وتكريماً لآدم عليه السلام ، وكذلك سجود إخوة يوسف ليوسف هو سجود تحية لا سجود عبادة .أما في شرعنا فالسجود لغير الله محرم بإجماع المسلمين[133] ، بل حتى الانحناء لمجرد التحية منع منه النبي rسداً لذريعة الشرك كما ذكرنا .

د- الذبح لغير الله :

الذبح عبادة من العبادات، فمن ذبح لغير الله تقرباً أو تعظيماً فقد أشرك بالله سواءً كان لشخص أو لمكان مثل سوقٍ ، أو قبة ، أو قبر، أو شجرة وهذا كذبح الجاهلية للأنصاب[134].[135]

قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162)لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163)﴾ [الأنعام:162-163] قال سعيد بن جبير والضحاك والسدي:- ونسكي:- أي ذبحي.[136]

وقال تعالى : ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(2)﴾ [الكوثر:2] .

قال الشوكاني رحمه الله :- ولاشك أن النحر نوع من أنواع العبادة التي تعبد الله العباد بها كالهدايا والفدية والضحايا.[137]وعن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [… لعن الله من ذبح لغير الله …].[138]

بل قد نهى النبي rعن الذبح في المكان الذي كان فيه شيء من أوثان الجاهلية أو أعيادها وإن كان الذبح لله تعالى! فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه ، قال :- نذر رجل أن ينحر إبلاً ببُوانة فسأل النبيَّ r، فقال : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد ؟ قالوا : لا، قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أوفِ بنذرك ، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لايملك ابن آدم".[139]

هـ- جعل نصيبٍ من الرزق لغير الله :

الذي يقدم شيئاً مما رزقه الله تعظيماً وخضوعاً لغير الله لاعتقاد أنه يضره وينفعه من دون الله فقد وقع في الشرك ، كمن يقدم السمن أو العسل أو الحبوب لبعض الأشجار والأحجار والقبور أو من يقدم اللحم واللبن للجن، أو من يجعل أول مولود من بقرته أو شاته لغير الله ، والذي يقدم البيضة (يكسرها) أمام العروس إرضاءً للجن ، والذي يقدم شاة للجن لحماية بيته أو بئره. كلُّ من فعل ذلك معتقداً أن تلك المخلوقات تضره أو تنفعه من دون الله فقد وقع في الشرك، قال تعالى:  ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ(53)ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ(54)لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(55)وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ(56)﴾ [النحل:53-56] .

وقال سبحانه : ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ(136)﴾ [الأنعام:136].

النذر لغير الله :

النذر عبادة لله ولذا أمر الله بالوفاء به ، فقال سبحانه: ﴿...وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ...﴾ [الحج:29]، وأثنى سبحانه على الموفين بالنذر فقال :  ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا(7)﴾ [الإنسان:7] فمن نذر لغير الله شيئاً فقد أشرك، ومن أمثلة ذلك من ينذر شيئاً من ماله أو زراعته أو حيواناته لغير الله تعالى مثل صنم أو قبر أو شجر أو حجر أو غير ذلك، فكل ذلك داخل تحت قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ...﴾ [النحل:56].وقد يكون النذر معصية فلا يلزم الوفاء به قالت عائشة – أم المؤمنين رضي الله عنها – "من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه".[140]

  كبيرة الشرك الأصغر

سبق البيان أن الرياء هو الشرك الأصغر ، وكل ما وصفه الوحي بأنه شرك ولا يخرج صاحبه من الملة أو ما كان سبباً يوقع في الشرك الأكبر ، وهو أنواع منها :

1) شرك القول :

أ- الحلف بغير الله عزوجل :

الحلف بالشيء تعظيم له ، والذي يجب أن يُعظَّم ويُحلف به هو الله عز وجل، والحلف بغيره سبحانه شرك. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك].[141]

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : [من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله].[142] والحلف بالأصنام شرك أكبر ، لكن اعتياد الصحابة عليه في جاهليتهم قد يوقع بعضهم بالحلف باللات والعزى دون قصد التعظيم فأمرهم النبي – r- بأن يعقبوا على حلفهم بذكر كلمة التوحيد : لا إله إلا الله.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : [إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفاً فليحف بالله ، أو ليصمت].[143]

وقال صلى الله عليه وآله وسلم [من حلف بالأمانة فليس منا].[144]

وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلى من أن أحلف بغيره صادقاً ".[145] ومن المعلوم أن الحلف بالله كذبا كبيرة ، لكن الشرك كبيرة أعظم ، ويلحق بالحلف بغير الله من يحلف بشرفه أو النبي أو الوطن أو غيرها .

فلنحذر من الوقوع في مثل هذه الأقوال .

ب- الألفاظ التي تتضمن التسوية بين الله ومخلوقاته :

يجب على المسلم التحرز من الألفاظ التي تتضمن التسوية بين الله سبحانه وتعالى وبين مخلوقاته ؛ لأنها شرك نهانا رسول الله rعن التلفظ بها، وأرشدنا إلى ألفاظٍ خير منها ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل للنبي r: ما شاء الله وشئت، قال : (جعلتني لله نداً !! قل: ماشاء الله وحده).[146]

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ؛ ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان).[147]

وجاء يهودي إلى النبي rفقال : إنكم تشركون، تقولون : ما شاء الله وشئت وتقولون : والكعبة. فأمرهم النبي rإذا أرادو أن يحلفوا أن يقولوا: (ورب الكعبة، وأن يقولوا ما شاء الله ثم شئت).[148]

ونهى صلى الله عليه وآله وسلم عن التسمي بملك الأملاك فقال: إن أخنع[149] اسم عند الله عزوجل رجل تسمى ملك الأملاك[150]].[151]

وقال ابن عباس رضي الله عنه في الشرك الخفي:- "أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء ، في ظلمة الليل. وهو أن يقول : والله وحياتكِ يا فلانة وحياتي. ويقول : لولا كلبهُ هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص. وقول الرجل لصاحبه : ما شاء الله وشئت. وقول الرجل : لولا الله وفلان. لا تجعل فيها فلان ، فإن هذا كله به شرك" .[152]

ج- الألفاظ التي فيها غلو في مدح النبي rأو الصالحين:

قال صلى الله عليه وآله وسلم : [لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد، فقولوا عبدالله ورسوله].[153] ومعنى الإطراء : الغلو في المدح برفع الشخص فوق المكانة التي يستحقها بكونه بشراً مخلوقاً .

وقد سمع النبي rجاريتين تمدحانه فقالتا : وفينا نبي يعلم ما في غد ، فنهاهما عن ذلك قائلاً :" أما هذا فلا تقولوه ، ما يعلم ما في غد إلا الله".[154]

وقد يصل الغلو إلى حدّ الشرك الأكبر ، فقد غلا اليهود في عزير ، وأطرى النصارى عيسى ابن مريم عليه السلام فزعموا أنه ابن الله أو أنه هو الله. قال تعالى: ﴿وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ...﴾ [التوبة:30]. وقد كان سبب شرك قوم نوح هو الغلو في الصالحين وتصوير تماثيلهم ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:  ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا(23)﴾ [نوح:23] قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسمُّوها بأسمائهم ففعلوا ، ولم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك ونُسِخَ العلم عُبِدَت.[155]

2- شرك الرياء والسمعة :

وهو : إظهار العبادة بقصد رؤية الناس لها وتسميعهم بها ليحمدوا صاحبها.

قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(110)﴾ [الكهف:110] .

فالعبادة لابد أن تكون مقيدة بالسنة كما قال تعالى : ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾  وخالصة من الرياء كما قال سبحانه : ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(110)﴾.

وقال تعالى : ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7)﴾ [الماعون:4-7] ، عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

"إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به ، فعرّفه نعمه، فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال : فلان جريء ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ! ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القرآن ، فأتي به ، فعرفه نعمه ، فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت ! ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار! ورجل وسَّع الله عليه ، وأعطاه من أصناف المال، فأتي به ، فعرفه نعمه ، فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : ماتركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار".[156]

 ويقول سبحانه وتعالى للمرائين يوم القيامة : (اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا هل تجدون عندهم جزاء).[157] فبئس موقف من كان يعمل لغير الله .

وقال سبحانه وتعالى في الحديث الآخر [أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غير تركته وشركه].[158]

وقال رسول الله r: [أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه ، فقال : الرياء].[159] وعن جندب بن عبدالله قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (من سمَّع سمَّع اللهُ به[160] ومن يرائي يرائي الله به).[161] وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال :- خرج النبي rفقال : "يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر! قالوا : يا رسول الله وما شرك السرائر ؟ قال : يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهداً لما يرى من نظر الناس إليه ! فذلك شرك السرائر".[162]

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي rقال :- (من سمَّع الناس بعمله سمَّع الله به مسامع خلقه وصغَّره وحقَّره).[163]

حكم العبادة إذا اتصل بها الرياء :

والعبادة إذا اتصل بها الرياء تكون على ثلاثة أوجه :-

1- أن يكون الرياء هو الباعث على العبادة فتكون باطلة .[164]

2- أن يطرأ الرياء بعد انتهاء العبادة فلا يؤثر على قبولها ، لأنها تمت صحيحة.[165]

3- أن يطرأ الرياء أثناء العبادة ، فإن دافع الرياء فتصح عبادته ، وإن اطمأن إلى الرياء ردت عبادته.[166]

تنبيه :

وليس من الرياء أن يسر الإنسان بفعل الطاعة لأن سروره بذلك دليل إيمانه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : [من سرته حسنته وساءته سيئة فذلك المؤمن].[167]

ومما يلتحق بالشرك الأصغر ما يلي :

أ- تعليق التمائم :-

التميمة ما يعلق على المخلوق يقصد به دفع العين أو غير ذلك من المضرات ، بطريقة غيبية لا تخضع للأسباب التي قدرها الله كمن علق خرزة أو ودعة أو معدناً أو غير ذلك مما يقصد به دفع العين أو غير ذلك من المضرات ، وهذا نوع من الشرك كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: سمعت رسول الله rيقول :- "إن الرقى[168] والتمائم والتِّولة[169] شرك".[170] وقال عليه الصلاة والسلام : "من تعلَّق تميمةً فلا أتمَّ الله له ، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَعَ اللهُ له.[171] "[172] وفي روايةٍ "من علق تميمة فقد أشرك".[173]وعن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنّه كان مع رسول الله rفي بعض أسفاره ، فأرسل رسولاً : أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت".[174]قال مالك : أرى أن ذلك من أجل العين.[175] ويدخل في ذلك أيضاً من ربط خيطاً في جسمه أو لبس حلقه[176] أو غير ذلك ليدفع البلاء المتوقع عن نفسه أو يرفعه بعد نزوله.[177]

ب- الطيرة :

التطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع أو غير ذلك .

وأصله أن بعض العرب كانوا يتفاءلون أو يتشاءمون بالطيور على طريقة معروفة عندهم بزجر الطير ثم ينظر فإن ذهب الطير يميناً أقدم أو همَّ على الأمر الذي يريده ، وإن ذهب شمالاً أحجم عن ذلك العمل وتشاءم .

وهذا نوع من الشرك لأن المتطير تعلق بأمر لا حقيقة له بل هو وهم وتخييل ، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله .

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (الطيرة شرك).[178]

ولما تشاءم فرعون وقومه من موسى عليه السلام ومن معه ردّ الله سبحانه ذلك عليهم فقال: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(131)﴾ [الأعراف:131] ، ومعنى الآية :- أن قوم فرعون إن أصابهم قحط أو جدب ونحو ذلك تطيروا بموسى ومن معه وقالوا: ما جاءنا هذا الجدب والقحط إلا من شؤمكم ، وقوله سبحانه  ﴿ طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الأعراف:131] :- أي ما لحقهم من القحط والشدائد إنما هو من عند الله عزوجل بذنوبهم لا من عند موسى وقومه.[179]  ونفى عليه الصلاة والسلام تأثير الطيرة في الأمور فقال : (لا طيرة).[180]

النهي عن ذرائع الشرك

وردت النصوص الشرعية بالنهي والتحذير من بعض الأمور لكونها وسيلة وذريعة إلى الشرك ومن ذلك :-

أ- البناء على القبور :

فقد نهى النبي rعن تجصيص القبور والبناء عليها كما قال جابر رضي الله عنه :- نهى رسول الله rعن تجصيص القبر، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه".[181]

ونهى عن الكتابة عليها أيضاً[182] ، وعن الزيادة عليها غير ترابها[183] بل أمر بهدم القبور المشرفة[184]، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي الهياج الأسدي : "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- أن لا تدع صورة إلا طمستها ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته."[185]

وكل كذلك سد لذريعة الشرك ، قال الشوكاني رحمه الله :

ولا شك أن علة النهي عن جعل القبور مساجد وعن تسريجها وتجصيصها ورفعها وزخرفتها هي ما ينشأ عن ذلك من الاعتقادات الفاسدة … وكل عاقل يعلم أن لزيادة الزخرفة للقبور وإسبال الستور الرائعة عليها ، وتسريجها والتأنق في تحسينها تأثيراً في طبائع غالب العوام[186] ينشأ عنه التعظيم   والاعتقادات الباطلة."[187]

ولهذا ترى كثيراً من القبور المشيدة عليها القباب والمشاهد قد أصبحت مزاراً لكثير من العوام لما يظنونه في أصحابها من القدرة على تحقيق المطالب ودفع المكاره ، وعندها ينادون الميت من دون الله ، وقد يذبحون له أو ينذرون أو يتمسحون بقبره ، ويأتون بأعمال شركية ومنكرات أخرى لا تمت إلى الشريعة الإسلامية بصلة.[188]

ب- اتخاذ القبور مساجد والصلاة عندها :

نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن اتخاذ القبور مساجد ، فقال : "… ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك".[189]

وقال عند موته : "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا".[190]

وذكرت أم سلمة رضي الله عنها لرسول الله rكنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور ، فقال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله".[191]

قال ابن القيم رحمه الله في بيان علة النهي عن اتخاذ القبور مساجد : "وبالجملة فمن له معرفة بالشرك وأسبابه وذرائعه ، وفَهِم عن رسول الله مقاصده ، جزم جزماً لا يحتمل النقيض أن هذه المبالغة منه باللعن والنهي بصيغة "لا تفعلوا" وصيغة "إني أنهاكم عن ذلك" ليس لأجل النجاسة[192] ، بل هو لأجل نجاسة الشرك… وهذا صيانة منه rلحمى التوحيد أن يلحقه الشرك".[193]

ويلتحق بهذا النهي عن الصلاة إلى القبور ، فقد نهى عنه النبي rفقال : "لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلوا إليها".[194]

قال القرطبي رحمه الله :- "أي لا تتخذوها قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى ، فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام، فحذَّر النبي rعن مثل ذلك ، وسدَّ الذرائع المؤدية إلى ذلك …".[195]

ج- الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها :

نهى النبي r عنها معللاً ذلك بأنها حين طلوعها يسجد لها الكفار وكذلك حين غروبها ، فقال لعمرو بن عَبَسَةَ : "صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع ، فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار … [ثم ذكر أنه يصلي العصر] قال :- ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار".[196]

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : "لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها."[197]

فقد نهينا أن نصلي لله تعالى ونسجد له في الوقت الذي يسجد فيه الكفار للشمس حين تطلع بين قرني الشيطان وكل ذلك صيانة وحماية للتوحيد من أي شائبة من الشرك .[198]

د- التصوير :

والتصوير ذريعة لعبادة المصورات كما حصل في قوم نوحٍ عليه السلام حيث كانوا يعبدون خمسة أصنام ، كما قال سبحانه ﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا(23) ﴾ [نوح:23] .

وأصل تلك العبادة أن ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا كانوا قوماً صالحين، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أتباعهم: لو صورناهم كانوا أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون ونُسيَ العلم وسوس إليهم الشيطان فقال:-إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم!![199]

وقد جاء الوعيد الشديد أيضاً للمصور لكونه مضاهياً لخلق الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قال الله تعالى : "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة".[200]

وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهؤون خلق الله".[201]

ولذلك أمر النبي rعلياً أن لا يدع صورة إلا طمسها كما ذكرنا ذلك.[202]

حكم الجهل في باب الشرك

إنك لتعجب أن تجد المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويصوم رمضان ويحج البيت ، ويؤمن بكل ما في القرآن، ويحب رسول الله rوسنته ويغار على الإسلام، ومع ذلك تراه يأتي أعمالاً وأقوالاً، ويعتقد معتقدات توقعه في الشرك وهو لا يعلم حقيقتها ، بل ربما ظن أن ما هو عليه هو الصواب الذي يرضي الله .

فما حكم مثل هذا الشخص ؟

أجاب العلماء على هذا السؤال فقالوا :

الجاهل معذور ولكن يجب عليه أن يتعلم ويتبع الحق إذا جاءه .

فالجاهل الذي وقع في شركٍ ولم يقصد نقض إيمانه فهو معذور ، ولكن عليه أن يتعلم ويبادر بالتوبة ، ومما يدل على ذلك ما ورد عن أبي واقد الليثي قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون[203] بها أسلحتهم ، يقال لها ذات أنواط [يعتقدون أنها تؤثر في نصرهم] فمررنا بسدرة فقلنا : يا رسول الله : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r : الله أكبر! إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى ﴿... اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ(138) ﴾ [الأعراف:138]، لتركبن سنن من كان قبلكم.[204]

لقد وقع فيما يوجب الشرك أصحاب هذين السؤالين لموسى ، ومحمد عليهما الصلاة والسلام جهلاً منهم ، فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم: "لتركبن سنن من كان قبلكم" . وكان جواب موسى عليه السلام : ﴿... إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ(138) ﴾ [الأعراف:138] فبينوا لهم أن هذا شرك ولم يحكموا عليهم بالشرك لكونهم يجهلون ذلك .والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، والحمد لله رب العالمين .


[122] الصنم والوثن : تمثال من حجر أو خشب أو معدن ، يزعم المشركون أنّ عبادته تقرب إلى الله ، كما قال تعالى ﴿فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ﴾: انظر المعجم الوسيط .

[123] الأولياء هنا : أصنام المشركين كما في تفسير ابن كثير .

[124] أخرجه الترمذي في التفسير ب/ ومن سورة المؤمن وحسنه ووافقه الأرناؤوط ، انظر جامع الأصول 9/511 وأبو داود في الصلاة ب/الدعاء ، وأحمد في المسند وإسناده صحيح كما في تحقيق المسند 30/298 .

[125] أما من دعا المخلوق الحي فيما أقدره الله سبحانه عليه ، مثل قول القائل : اسقني ماءً لمن يستطيع أن يسقيه، مع اعتقاده أنه لا يضر ولا ينفع إلا بإذن الله فليس ذلك بشرك .

[126] أخرجه الترمذي ك/ صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ب/ منه وصححه – الألباني في ظلال الجنة 10/138وأحمد في مسند بني هاشم .

[127] أخرجه البخاري ك/ التفسير ب/ قوله: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم" ، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة .

[128] مجموع الفتاوى 1/159 ، وما بعدها (بإيجاز وتصرف) بواسطة نضرة النعيم ص4713-4714 .

[129] مجموع الفتاوى 1/124 ، ونقل هذا الإجماع راضياً مقرراً له ابن حجر الهيثمي في الإعلام بقواطع الإسلام ص: 95 ، انظر الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية 2/534 .

[130] أخرجه الترمذي ك/ الدعوات ب/ منه وانفرد به ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/172 .

[131] أخرجه الترمذي ك/ صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ب/ منه وصححه – الألباني في ظلال الجنة 10/138وأحمد في مسند بني هاشم .

[132] أخرجه الترمذي ك/ الاستئذان والأدب ب/ ما جاء في المصافحة ، واللفظ له ، وحسنه ووافقه الأرناؤوط انظر جامع الأصول6/608 ، وابن ماجه ك/ الأدب ب/ المصافحة ، وأحمد في باقي مسند المكثرين ، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/352 .

[133] انظر تفسير القاسمي المجلد 2/101-102 عند تفسير قوله تعالى ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ...﴾.

[134] الأنصاب :- حجارة كانوا يذبحون قرابينها عندهم ، كما نقله الحافظ ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس ومجاهد وعطاء وغيرهم ، قال تعالى : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90)﴾  ، وقال سبحانه : ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ ومثل لذلك القرطبي بذبيحة الوثني يذبح لوثنه والمجوسي يذبح للنار ، انظر تفسير القرطبي عند الآية المذكورة .

[135] انظر تطهير الاعتقاد للصنعاني ص26 ، وذكر فيه أن بعض الناس قد يغالط ويزعم أنّه ما ذبح إلا الله تعالى عند صاحب القبر والمشهد فقال مناقشاً لذلك : فإن قال إنما نحرت لله ، وذكرت اسم الله عليه ، فقل إن كان النحر لله فلأي شيء قربت ما تنحره من باب مشهد من تفضله وتعتقد فيه ؟ هل أردت بذلك تعظيمه ؟ إن قال: نعم ، فقل له هذا النحر لغير الله تعالى، بل أشركت مع الله تعالى غيره ، وإن لم ترد تعظيمه ، فهل أردت توسيخ باب المشهد وتنجيس الداخلين إليه ؟ أنت تعلم يقيناً أنك ما أردت ذلك أصلاً ، ولا أردت إلا الأول ، ولا خرجت من بيتك إلا قصداً له ، وناقش الشوكاني رحمه الله أيضاً من يذبح عند القبر فقال : وكذلك النحر للأموات عبادة لهم …… وهكذا إن كنت تنحر لله ، وتنذر لله ، فلأي معنى جعلت ذلك للميت وحملته إلى قبره، فإن الفقراء على ظهر البسيطة في كل بقعة من بقاع الأرض ، وفعلك وأنت عاقل لا يكون إلا لمقصد قد قصدته ، أو أمر قد أردته !! انظر الدر النضيد له ص75 .

[136] تفسير ابن كثير .

[137] شرح الصدور بتحريم رفع القبور ، ومما ذكره فيه أيضاً قوله : "ومن المفاسد البالغة إلى حدّ يرمي بصاحبه إلى وراء حائط الإسلام: أن كثيراً منهم يأتي بأحسن ما يملكه من الأنعام ، وأجود ما يحوزه من المواشي فينحره عند ذلك القبر، متقرباً به إليه، راجيا ما يضمر حصوله منه ، فيهل به لغير الله ، ويتعبد به لوثن من الأوثان ، إذ أنه لا فرق بين نحر النحائر لأحجار منصوبة يسمونها وثناً، وبين قبر لميت يسمونه قبراً …

[138] أخرجه مسلم ك/ الأضاحي ب/ تحريم الذبح لغير الله تعالى ، والنسائي ك/ الضحايا ب/ من ذبح لغير الله عزوجل ، وأحمد مسند العشرة المبشرين بالجنة .

[139] أخرجه أبو داود ك/ الإيمان والنذور ب/ ما يؤمر به من الوفاء بالنذر ، وابن ماجه ك/ الكفارات ب/ الوفاء بالنذر ، وأحمد من باقي مسند الأنصار ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/637 .

[140] أخرجه البخاري ، ك/ الإيمان والنذور ب/ النذر فيما لا يملك وفي معصية .

[141] أخرجه الترمذي ك/ النذور والإيمان ب/ ما جاء في كراهية الحلف بغير الله واللفظ له وصححه الألباني في ارواء الغليل 8/189 ، وأبو داود ك/ الإيمان والنذور ب/ في كراهية الحلف بالأباء ، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة .

[142] أخرجه البخاري ك/ الأدب ب/ من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلاً ، ومسلم ك/ الإيمان ب/ النهي عن الحلف بغير الله تعالى .

[143] أخرجه البخاري ك/ الأدب ب/ من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلاً ومسلم ك/ الإيمان ب/ النهي عن الحلف بغير الله تعالى .

[144] أخرجه أبو داود ك/ الإيمان والنذور ب/ كراهية الحلف بالأمانة واللفظ له وقال النووي صحيح عن بريدة رضي الله عنه ، وأحمد في باقي مسند الأنصار ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/628 .

[145] صححه الألباني في ارواء الغليل ج8 ص191 وقال أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/17/2) وابن أبي شيبة في المصنف (4/179).

[146] أخرجه أحمد في مسند بني هاشم ، وابن ماجه ك/ الكفارات ب/ النهي أن يقال ما شاء الله وشئت ، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/362 .

[147] أخرجه أبو داود ك/ الأدب ب/ لا يقال خبثت نفسي ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/940 .

[148] أخرجه النسائي ك/ الإيمان والنذور ب/ الحلف بالكعبة واللفظ له ، وأحمد في باقي مسند الأنصار ، حديث قُتيلة بنت صيفي ، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2/800 .

[149] أخنع أي : أذل .

[150] ملك الأملاك : أي ملك الملوك .

[151] أخرجه البخاري ك/ الأدب ب/ أبغض الأسماء إلى الله ، ومسلم ك/ الآداب ب/ تحريم التسمي بملك الأملاك وبملك الملوك ، واللفظ له .

[152] انظر التفسير الصحيح عند قوله تعالى : ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا﴾.

[153] أخرجه البخاري ك/ أحاديث الأنبياء ب/ قول الله﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾ ، وأحمد مسند العشرة المبشرين بالجنة ، والدارمي ك/ الرقاق ب/ في قول النبي لا تطروني .

[154] أخرجه البخاري ك/ المغازي ب/ شهود الملائكة بدراً ، واللفظ له ، وابن ماجه ك/ النكاح ب/ الغناء والدف ، وانظر صحيح ابن ماجه 1/320 .

[155] أخرجه البخاري ك/ تفسير القرآن ب/ وداو سواعاً ولا يغوث ويعوق ، وانظر تفسير ابن كثير 6/282 .

[156] أخرجه مسلم ك/ الإمارة ب/ من قاتل للرياء والسمعة استحق النار ، والنسائي ك/ الجهاد ب/ من قاتل ليقال فلان جريء .

[157] أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار وانفرد به ، وحسن إسناده في تحقيق المسند 39/44 .

[158] مسلم ك/ الزهد والرقائق ب/ من أشرك في عمله غيره الله واللفظ له ، والترمذي ك/ تفسير القرآن ب/ ومن سورة الكهف ، وابن ماجه ك/ الزهد ب/ الرياء والسمعة .

[159] رواه الإمام احمد في المسند 5/428 وهو في المعجم الكبير 4/253 ، وهو حديث حسن كما في تحقيق المسند 39/39 .

[160] معنى الحديث : من أظهر عمله للناس رياء وأسمعهم به ، أظهر الله نيته الفاسدة في عمله وفضحه . وانظر صحيح الترغيب والترهيب 1/16

[161] أخرجه البخاري ك/ الرقاق ب/ الرياء والسمعة واللفظ له ، ومسلم ك/ الزهد والرقائق ب/ من أشرك في عمله غير الله .

[162] رواه ابن خزيمة في صحيحه وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/17 .

[163] رواه أحمد والطبراني في الكبير بأسانيد أحدها صحيح ، والبيهقي انظر صحيح الترغيب والترهيب 1/16 ، وقال عنه محققو المسند اسناده صحيح على شرط الشيخين بلفظ [من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وصغره وحقره] ، 11/56 .

[164] كمن صلى ركعتين وكان باعثه على ذلك الرياء والسمعة .

[165] كمن صلى ركعتين مخلصاً لله ، ثم طرأ الرياء عليه بعد ذلك .

[166] كمن ابتدأ صلاة ركعتين مخلصاً لله ، ثم طرأ عليه الرياء بعد انتهاء الركعة الأولى ، فإن دافع الرياء صحت صلاته ، وإن اطمأن إليه بطلت .

[167] أخرجه أحمد في المسند والترمذي في الفتن ب/ ما جاء في لزوم الجماعة وقال : حسن صحيح غريب .

[168] الرقي الممنوعة هي المحتوية على أشياء شركية ، أما الرقية بكلام الله تعالى أو الذكر المشروع فلا تدخل في هذا لأنه قد ورد إلاذن بها، كما رخص النبي rفي الرقية بفاتحة الكتاب وغيرها من القرآن . قال عليه الصلاة والسلام:- اعرضوا على رقاكم، لابأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك" أخرجه مسلم ك/ السلام ب/ لابأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك .

[169] التولة : ما يعلق على الزوج أو الزوجة يزعمون به أنه مما يحفظ المحبة بينهما ، ومما يدخل في ذلك خاتم الخطوبة "الدبلة" إذا كان بهذا القصد

[170] أخرجه أبو داود ك/ الطب ب/ في تعليق التمائم وابن ماجه ك/ الطب ب/ تعليق التمائم ، والحاكم 4/418 وقال صحيح الاسناد على شرط الشيخين وأقره الذهبي وأيضاً صححه الألباني في الصحيحة 1/39       برقم :-331 .

[171] لا ودع الله له : أي : لا تركه الله في دعة وسكون ، وقيل : لاترك الله له خيراً .

[172] أخرجه أحمد 4/154 والطحاوي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال المنذري في الترغيب : إسناده جيد. وهو حديث حسن كما في تحقيق المسند 28/623 .

[173] رواه أحمد وإسناده قوي كما في تحقيق المسند 28/637

[174] أخرجه البخاري ك/ الجهاد ب/ ما قيل في الجرس ونحوه ، ومسلم ك/ اللباس والزينة ب/ كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير .

[175] الموطأ 2/937 ط. عبدالباقي .

[176] لا يدخل في هذا ما ثبتت فائدته طبياً كالحزام الطبي ، وكذا ما ثبت نفعه وفق المعلومات الطبية الصحيحة .

[177] فعن عمران بن حصين أن النبي rرأى رجلاً في يده حلقة من صفر ، فقال : ما هذه قال : من الواهنة ، قال : انزعها فإنها لاتزيدك إلا وهنا ، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا" والواهنة : وجع في الذراع أو العضد. ورأى حذيفة رضي الله عنه رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ(106)﴾ .

[178] أخرجه الترمذي ك/ السير ب/ ما جاء في الطيرة وأبو داود ك/ الطب ب/ واللفظ له ، وابن ماجه ك/ الطب ب/ ما كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/740 .

[179] انظر تفسير القرطبي عند الآية المذكورة .

[180] أخرجه مسلم ك/ الطب ب/ الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم .

[181] أخرجه مسلم ك/ الجنائز ب/ النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه ، والنسائي ك/ الجنائز ب/ تجصيص القبور ، وابن ماجه ك/ ما جاء في الجنائز ب/ ما جاء في النهي عن البناء على القبور وتجصيصها .

[182] أخرجه الترمذي ك/ الجنائز ب/ ما جاء في كراهية تجصيص القبور والكتابة عليها وقال حسن صحيح عن جابر رضي الله عنه قال : (نهى النبي rأن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ) ، وابن ماجه ك/ ما جاء في الجنائز ب/ ما جاء في النهي عن البناء على القبور وتجصيصها بلفظ (نهى رسول الله rأن يكتب على القبر شيء) .

[183] أخرجه النسائي في السنن عن جابر رضي الله عنه قال نهى رسول الله rأن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص …) في الجنائز ب/ الزيادة على القبر ، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2/435 .

[184] القبر المشرف : العالي .

[185] أخرجه مسلم ك/ الجنائز ب/ الأمر بتسوية القبر ، والترمذي ك/ الجنائز ب/ ما جاء في تسوية القبور ، والنسائي ك/ الجنائز ب/ تسوية القبور إذا رفعت .

[186] فقد حكى الشوكاني أن رجلاً من العوام وصل إلى قبة مبنية على قبر فرآها وهي مسرجة بالشمع والبخور ينفخ من جوانبها وعلى القبر الستور الفائقة فقال عند وصوله إلى الباب : أمسيت بالخير يا أرحم الرحمين ، انظر الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ص 37 .ط الأولى دار الندوةة الجديدة 1413هـ

[187] المرجع السابق ص36-37 .

[188] انظر كتاب دمعة على التوحيد ، لترى آثار القبورية السيئة في البلاد المختلفة .

[189] أخرجه مسلم ك/ المساجد ومواضع الصلاة ب/ النهي عن بناء المساجد على القبور واللفظ له ، والنسائي ك/ الجنائز ب/ اتخاذ القبور مساجد

[190] البخاري ك/ الجنائز ب/ ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور ومسلم ك/ المساجد ب/ النهي عن بناء المساجد على القبور .

[191] أخرجه البخاري ك/ الصلاة ب/ الصلاة في البيعة. واللفظ له ومسلم ك/ المساجد ب/ النهي عن بناء المساجد على القبور .

[192] والتعليل بالنجاسة غير صحيح، لأنه قد ورد النهي والوعيد لمن اتخذ قبور الأنبياء مساجد ، والأنبياء صلوات الله عليهم طاهرون مطهرون . 

[193] إغاثة اللهفان 1/189 بتصرف. ط. دار المعرفة بيروت .

[194] أخرجه مسلم ك/ الجنائز ب/ النهى عن الجلوس على القبر والصلاة عليه ، الترمذي ك/ الجنائز ب/ ما جاء في كراهية المشي على القبور والجلوس عليها ، وأبو داود ك/ الجنائز ب/ كراهية القعود على القبر .

[195] تفسير القرطبي عند تفسير قوله تعالى : ﴿...لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا(21)﴾ [الكهف :21] .

[196] أخرجه مسلم ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ إسلام عمرو بن عبسة واللفظ له ، والنسائي ك/ المواقيت ب/ النهي عن الصلاة بعد العصر ، وأبو داود ك/ الصلاة ب/ من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة .

[197] أخرجه البخاري ك/ مواقيت الصلاة ب/ لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس ، ومسلم ك/ صلاة المسافرين ب/ الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها .

[198] قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 2/255 :- "فإنها تطلع بين قرني شيطان" في إشارة إلى علة النهي عن الصلاة في الوقتين المذكورين ، وزاد مسلم من حديث عمرو بن عبسة :- وحينئذ يسجد لها الكفار" ، فالنهي حينئذ لترك مشابهة الكفار .

[199] أخرج ذلك ابن جرير الطبري عن محمد بن قيس بنحوه ، وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس نحوه وفيه أن هؤلاء الصالحين كانوا من قوم نوح عليه السلام. انظر صحيح البخاري ك/ التفسير ب/ (وداً ولاسواعاً ولا يغوث ويعوق …) ﴿وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ ...

[200] أخرجه البخاري ك/ التوحيد ب/ قول الله تعالى﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ(96)﴾ ، ومسلم ك/ اللباس والزينة ب/ تحريم تصوير صورة الحيوان …. واللفظ له .

[201] أخرجه البخاري ك/ اللباس ب/ ما وطئ من التصاوير ، ومسلم ك/ اللباس والزينة ب/ تحريم تصوير صورة الحيوان …

[202] التصوير له أحوال : الأولى : الصور المجسمة للإنسان أو الحيوان ، فهذا مجمع على تحريمه .

الثانية : المصور بالتلوين والتخطيط (الرسم) للإنسان أو الحيوان فهذا محرم أيضاً لعموم نصوص النهي ، ويدل على ذلك حديث النمرقة التي فيها التصاوير (أخرجه البخاري ك/ اللباس ب/ من كره القعود على الصور) ومسلم ك/ اللباس ب/ تحريم تصوير صورة الحيوان) ، ولفظ البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت غرفة فيها تصاوير فقام النبي rبالباب فلم يدخل : فقلت :- أتوب إلى الله مما أذنبت ! قال : ما هذه النمرقة ! قلت : لتجلس عليها وتوسدها قال : إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، يقال لهم أحيوا ما خلقتم ، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه الصور" ، والنمرقة :- جمعها نمارق وهي الوسائد التي يصف بعضها إلى بعض ، وقيل:- هي الوسادة التي يجلس عليها. انظر فتح الباري 10/389 .

الثالثة : التصوير بالأشعة للإنسان أو الحيوان ، وهذا مختلف فيه بين العلماء المعاصرين ، ويجوز للحاجة كإثبات الشخصية والتعليم في غير تعظيم لصاحب الصورة ولأنها لا تحمل معنى المضاهاة لخلق الله لأنه تشبه الصورة التي تنعكس على الماء والمرآة ولم يقل أحد من العلماء بحرمة تكوين الصورة على المرآة ويسمونها عكساً لأنها تعكس الأشعة الساقطة عليها. الرابعة : تصوير غير الإنسان والحيوان والراجح جوازه . وللاستزادة انظر القول المفيد 2/438-442 .

[203] يعلقون .

[204] رواه الترمذي في الفتن ب/ ما جاء لتركبن سنة من كان قبلكم وقال حسن صحيح ورواه أحمد في المسند عن أبي واقد ، وابن حبان وابن أبي عاصم في السنة والطبراني في الكبير والبيهقي في المعرفة ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/235 .