|
اذا غابت الرؤية .. تضاعف العمى ..!
حين بدأت اعمال العنف والارهاب في المملكة ، اعتمد منفذوها على بعد ( شرعي )
وآلية عمل ( تطبيقية ).. لتبريرها . الشعار الضخم الكبير ( المضلل ) ، الذي كان
يرفع لـتبرير تلك الافعال ..الجرائم ، كان : ( اخراج الكفار من جزيرة العرب ) .
آلية العمل ، التي كان يراد لها ( تصديق ) ذلك الشعار ، كان استهداف المجمعات
السكانية للعاملين الاجانب . في فترة لاحقة ، صار هناك استهدافا للمؤسسات
الامنية ، بدعوى ان رجال الأمن (يحمون) اولئك (الكفار).. اولأنهم يتصدون
للافراد، الذين يقومون باعمال العنف والارهاب ، الذين اخذوا على عاتقهم (
تخليصنا ) من الكفار ، ولذلك سموا انفسهم ( مجاهدين ) ..!
ماداموا يريدون ان يخلصوننا من الكفار ،ومادامو يقتلون رجال الامن ، الذين
يحولون بينهم وبين تخليصنا من الكفار .. فعلينا ان نقتنع بصدق شعارهم ، وعلينا
ان نقبل بتسميتهم لانفسهم مجاهدين .
الغزو الامريكي لأفغانستان ، ثم للعراق .. وما ادى اليه ذلك من اعمال قتل ،
وممارسات وحشية ، ضد مسلمين ، اضافة الى سياسة العداء ،التي اتبعتها الادارة
الامريكية ضد كل نشاط اسلامي ، بما في ذلك الاعمال الخيرية .. ساهم في اضفاء
نوع من عدم المبالاة ، لدى فريق من الناس ، تجاه اعمال العنف والارهاب ، التي
قاموا بها في المملكة . كان سخط الناس على امريكا ، وكرههم للممارسات الاجرامية
للادارة الامريكية طاغيا،بحيث لم ينتبهوا لانحراف الفكر الذي تقوم عليه هذه
الاعمال ، ولخطورة تلك الاعمال ، التي اريد اضفاء مبرر شرعي عليها.. على
المملكة .. وطنا ورسالة .
أمر آخر ، ساهم في اطالة امد حال( اللامبالاة ) تجاه هذا الانحراف الفكري ،
والاعمال الاجرامية ، التي ترتبت عليه ، هو صعود مد ( انتهازي ) .. حاول ان
يصفي حساباته الشخصية ، ويدفع بـ(أجندته) الخاصة الى الواجهة . في الفترة التي
اعقبت احداث سبتمبر وما تلاها، اشتدت الضغوط الخارجية على المملكة ، بسبب
مشاركة بعض اشخاص سعوديين في تلك الاحداث . بناء عليه ، اعتبر النظام التعليمي
، والنسق الثقافي في المملكة .. مسؤولا عن تلك الاحداث ، بوصفه ( قاعدة ) فكرية
، انطلق منها اولئك الاشخاص ، لتنفيذ اعمالهم . في هذه الفترة ظهر في المملكة
افراد ، انتظموا في تيار، سمى نفسه ( ليبراليا ) .. واستقوى بالخارج .
أخذ هؤلاء موقفا عدائيا شموليا ، تجاه كل متدين ، وكل ما هو ديني ، وجمعوا
الناس في ( سلة ) واحدة . الكل اصبح متهما : ارهابي او متعاطف مع الارهاب . ادت
سياسة التصنيف الشمولية المتطرفة هذه ، من خلال السيطرة على وسائل الاعلام ،
الى نشوء حالة استقطاب ، دفعت بكثيرين الى موقف ( اللامبالاة ) تجاه اعمال
العنف والارهاب . كان هناك شعور بالخوف ، ان كل المكتسبات الدينية للمملكة ،
طوال العقود الماضية .. مهددة بالمصادرة ، وان الهجمة ( الليبرالية ) الضارية ،
المستقوية بالخارج ، لايمكن ان يردعها ، ويصد هجمتها التي طالت الثوابت
والمسلمات .. الا جماعات العنف .
فشلت جماعات العنف .. وسقط مشروعها والحمدلله . اعلنت جماعات العنف عن فشلها
وسقوط (مشروعها).. ان كان لها مشروع ، بحادث الاعتداء الفاشل على معامل التكرير
في بـقيـق . هذا العمل الاجرامي الاخرق ، قلت في العنوان انه يائس وبائس . اما
كونه يائسا فهو لأنه يمثل محاولة اخيرة لمحتضر .. يرفس الرفسة الاخيرة ..!!
استهداف هدف حيوي استراتيجي ، يتمتع بدرجة عالية من الحماية ، انما هو محاولة
للفت الانظار .. لـ(وجود) لم يعد ( موجودا ) !
البؤس في هذا العمل ، هو ما ذكرته في بداية هذا المقال ، ان غياب الرؤية ،
يضاعف العمى ..!
أين البعد (الشرعي) في تدمير مصلحة من اهم مصالح المسلمين ؟ أين الاسلام من عمل
يؤذي المسلم القريب جدا ،و يصب في مصلحة الكافر ؟! أين الجهاد ، من انسان يقتل
نفسه في عمل انتحاري ، سيعود بنتائج كارثية ، على اهله ( المسلمين ) ، ووطنه ..
بلد ( الاسلام ) ..؟!!
لو نجح هذا العمل .. لاسمح الله ، هل يدرك من خطط له ونفذه ، كم مسلم سيحترق في
أتون الجحيم الذي سيشتعل في هذه المنطقة القابلة لللاشتعال ؟ كم مسلم يعمل هناك
، ليتدفق النفط ، فتبنى مدرسة ، ويقوم مستشفى ، وينشأ مسجد ، ويطبع كتاب ومصحف
! ألا قــــاتل الله الجهل والضلال .
أشهد الله ان ( الجهاد ) بـــــــــــراء من كل هذا ..!
غياب الرؤية ... يضاعف العمى ...!
لو تكلمنا من منظور استراتيجي ، على افتراض ان من خطط لهذ العمل ، يملك رؤية
استراتيجية ، او حتى يملك .. ادنى رؤية ..! هل يعرف هؤلاء ان ( الكافر ) ، الذي
يزعمون انهم يحاربونه ، ويحاولون طرده من بلادنا ، بتفجير معامل بقيق النفطية ،
هو الكاسب الاكبر ، ونحن المسلمين ، الذي يزعم انه ( يجاهد ) من اجلنا ..
الخاسر .. ليس الاكبر فقط ، بل ( الوحيد ) ..!
لماذا ..؟
* لو احترقت معامل بقيق ، سينخفض انتاجنا النفطي
بشكل كبير ، سوف يضرب اقتصادنا في قلبه .
* انخفاض الانتاج ، يعني نقص المداخيل ، وتضرر
كافة اوجه الاقتصاد ، الانتاجي والخدماتي .
* انخفاض الانتاج سوف يحدث صدمة في بورصة الاسهم
، التي يضارب فيها 3 ملايين مواطن (مسلم) ، اكثريتهم الساحقة ، من ذوي الدخول
المتوسطة والمحدودة ، وستكون الخسائر مدمرة لأسـر كثيرة .
* انخفاض الانتاج ، سيوقف مشاريع تنموية كثيرة :
مستشفيات ، مدارس ، طرق .
* لو احترقت معامل بقيق ـ لاسمح الله ـ فالذي
سيعيد بنائها.. من اموالنا ،هو ( الكافر ) الذي زعمت انك (تجاهد) لاخراجه من
بلادنا . بعبارة اخرى : سيأتي الكافر هذه المرة بأضعاف اعداده ، ليبني ما دمرت
واحرقت ، بأموال المسلمين .
* لو احترقت معامل بقيق ، بسبب هذا العمل
الاجرامي الاحمق ، سترتفع وتيرة ادعاءات ( الكافر) ، اننا بلد غير قادر على
حماية سلعة استرتيجية . هذا يعني ايها (المجاهد) ، مزيد من التعدي على سيادة
بلدنا ، الذي تريد ان ( تبعد) الصليبيين عنه .
... لأن غياب الرؤية ، يضاعف العمى .. أكاد اجزم ان هذا الفعل ، يظن من خطط له
ونفذه ،انه سوف يؤدي الى ارباك السوق النفطية العالمية ، ورفع اسعار النفط الى
ارقام قياسية جديدة ، وبالتالي الاضرار بأمريكا .
لا يدري هؤلاء السذج ، ان امريكا لديها مخزون استراتيجي من النفط يكفيها لأشهر
، ولديها اسواق بديلة . لايدرك امثال هؤلاء ، الذين افتقدوا المنطلقات الشرعية
لأعمالهم .. وهم كذلك ، لايملكون ادنى درجات التفكير الاستراتيجي ، ان من
سيستفيد من نقص انتاج المملكة ، هي دول مثل ايران ، لها اهداف بعيدة المدى ،
تضر بالأمن الاستراتيجي للمملكة ، وبتوازن القوى في المنطقة .
فعل بائس ويائس .
إذا غابت الرؤية ، تضاعف العمى .. واذا استحكم الضلال ، زين الشيطان للانسان
سوء عمله .
اللهم احم بلادي .