|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العلي الأعلى ، خلق
فسوى ، وقدر فهدى ، أحصى على العباد أفعالهم وأقوالهم ، في كتاب لا يضل ربي
ولا ينسى ، أحمد سبحانه وأشكره شكراً مزيداً ، وأتوب إليه وأستغفره كثيراً
، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، تقدس وتعالى ، جلت عظمته ، وعمت قدرته ،
وتمت كلمته صدقاً وعدلاً ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وأشهد
أن نبينا
وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله ، صفياً مجتبىً ، بعثه ربه بالحق والهدى ،
فما ضل وما غوى ، وما نطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، صلى الله وسلم
وبارك عليه ليلاً وضحىً ، وعلى آله وأزواجه أهل الخير والتقى ، وصحابته
مصابيح الدجى ، ونجوم الهدى ، والتابعين لهم بإحسان في الآخرة والأولى . .
. أما بعد : فاتقوا الله أيها المسلمون ، وعظِّموا شعائره وحُرُماته ،
وابتغوا بتوقيرها غفرانَه ومرضاته { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ
اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } .
أيها المسلمون : دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ
المَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو
أُمَامَةَ ، فَقَالَ : يَا أَبَا أُمَامَةَ ! مَا لِي أَرَاكَ جَالِساً فِي
المَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ؟ قالَ : هُمُومٌ لَزِمَتْنِي ،
وَدُيُونٌ يَا رسولَ الله ، قالَ : " أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَماً ، إِذَا
أنت قُلْتَهُ ، أذْهَبَ الله هَمَّكَ ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ قال :
قُلْتُ : بَلَى يَا رسولَ الله ، قال : " قُلْ
إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ
الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ،
وَأعوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ والْبُخْلِ ، وَأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ
الدَّيْنِ ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ ، قالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَأَذْهَبَ
الله هَمِّي ، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي " [ أخرجه أبو داود من حديث أبي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ] ، نعم يا عباد الله ، الديْن هَمٌّ
بالليل ، مَذَلَّةً بالنهار ، لما فيه من شغل القلب والبال ، والهَمِّ
اللازم في قضائه ، والتذلّل للغريم عند لقائه ، وتحمّل مِنَّته بالتأخير
إلى حين أوانه ، وربّما يَعد من نفسه القضاء فيُخلف ، أو يحدِّث الغريم
بسببه فيكذب ، أو يحلف له فيحنث ؛ ولهذا كان عليه الصلاة والسَّلام يتعوّذ
من المأثم والمَغْرَم ، والمغرم الديْن ، فقيل له : يا رسول الله ، ما أكثر
ما تتعوّذ من المغرم ؟ فقال : " إن الرجل إذا غَرِم ، حدّث فكذب ، ووعد
فأخلف " ، فربما مات المدين ، ولم يقضِ الدين ؛ وكل هذه الأسباب مَشائن في
الدِّين ، تذهب جمالة ، وتنقص كماله .
أمة الإسلام : إن دين الآدمي في نظر الإسلام أمانة عظمى ، ومسؤولية كبرى ،
يقع بسببها العذاب والنكال ، والإثم والوبال ، يوم البعث والنشور ، وفي
حياة القبور ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، عنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم
قال : " مَن أخَذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها أدّى اللهُ عنه ، ومَن
أخَذَها يُريدُ إتلافَها أتْلَفَهُ الله " [ أخرجه البخاري ] ، فتذكر أيها
المديون ، تربص ريب المنون ، تذكر ضائقتك ، ومن وقف بجانبك ، من صديق أو
قريب أو جار ، وقد كنت قبل محتار ، فبذل لك ماله ، لانتشالك من الذلة
والمهانة ، فيسر عليك وأقرضك ، ومن الضيق أنقذك ، فواجب عليك أيها الملهوف
، أن تقابل المعروف بالمعروف ، وتذكر قول الرحيم الرؤوف : { هَلْ جَزَاء
الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } ، وكما قيل : إذا أكرمت الكريم ملكته ،
وإذا أكرمت اللئيم تمرداً ، فمن أخذ أموال الناس كسلف ودين ، فهي في ذمته
إلى يوم الدين ، ولا تبرأ ذمته منها ، حتى يؤديها إلى أهلها ، فاتَّقوا
الله تعالى حقَّ
تقواه ، واكتسبوا من الطاعات والصالحات ما يحبّه ويرضاه ، وتجافَوا عن كلّ
ما يسخطه ويأباه ، تفوزوا في الدنيا وتغنموا ، وتسعدوا في أخراكم وتنعموا .
أيها الأخوة في الله : كم من الناس من تصيبه نوائب الدهر ، وحاجات العصر ،
وليس لديه ما يستعين به على النوازل واللوازم ، فيذهب مكرهاً للدين ، وفي
نيته الخالصة ، ونفسه الصادقة ، الوفاء بدينه ، خوفاً من الله وعقوبته ،
فهذا موفق معان ، وعن العذاب مصان ، أخرج الحاكم وصححه من حديث عائشة رضي
الله عنها قالت : سمعتُ رسولَ الله صَلَّـى الله عَلَـيْهِ وَسَلَّـمَ
يقولُ : " مَا مِنْ عبدٍ كانتْ لهُ نِـيَّةٌ فـي أَدَاءِ دَيْنِهِ ، إلا
كانَ لهُ مِنَ الله عونٌ " ، فمن أصابته الحاجة ، ونزلت به الفاقة ،
فليلحقها بالله خالقه ، ويتجه لكريم عطائه ، ويتعرض لنفحاته وسخائه ، فالله
يسمع الدعوى ، ويعلم النجوى ، ويقضي الشكوى ، قال جل وعلا : { وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ
دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ
بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } فخذوا العبر ، واحذروا تغير المحاسن والصور
، ففي القبر أعظم معتبر ، والنار أخوف مستقر .
أمة التوحيد والتمجيد : هناك من الناس من يستدين لأمور تافهة ، عن فطنته
تائهة ، فيستدين ، ويوهن كاهله بالدين ، يهين نفسه ، ويريق ماء وجهه ، من
أجل غرض دنيوي زائد عن حاجته ، أو أمر كمالي خطأ برمته ، كمن يستدين ليدخل
بورصة الأسهم ودنيا المال ، أو يستدين لشراء أثاث منزلي من باب المفاخرة
والمجاراة ، أو يشتري سيارة فارهة ، غالية فاخرة ، وفيما لديه كفاية ، لكنه
ترك طريق الهداية ، فلم يوفق لحسن الغاية ، فمن كان هذا غرضه ، وذاك عرضه ،
فربما استدان ومات ، وحبس عن دخول الجنات ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
" صَاحِبُ الدَّيْنِ مَأْسُورٌ بِدينِهِ ، يَشْكُو إلَى اللَّهِ
الْوَحْدَةَ " [ أخرجه الطبراني في الأوسط ] ،
وأخرج النسائي والطبراني في الأوسط ، والحاكم وصحح إسناده ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ قَاعِداً حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ
قِبَلَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ خَفَضَ بَصَرَهُ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى
جَبْهَتِهِ ، فَقَالَ : " سُبْحَانَ اللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا
أُنْزِلَ مِنَ التَّشْدِيدِ " ، فَقُلْنَا : مَا التَّشْدِيدُ الَّذِي
نَزَلَ ؟ قَالَ : " فِي الدَّيْنِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ
قُتِلَ رَجُلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ عَاشَ ، ثُمَّ قُتِلَ ، ثُمَّ
عَاشَ ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى
يُقْضَى دَيْنُهُ " ، ولكن مع شديد الأسى والأسَف ، أنّ كثيرًا من الناس قد
غفل عن ذلك وانصرَف ، فاستدان من هذا وذاك واستلف ، ونسي يوم المزدلف .
إخوة الإيمان : أطول آية في كتاب الله ، آية الدين ، لعظم أمره ، وشدة
خطورته ، وسوء خاتمته ، ووخيم عاقبته ، لقد كان في بداية عصر الإسلام ، لا
يُصلي النبي صلى الله عليه وسلم على من مات وعليه دين ، جزاءً لإهماله ،
وحفظاً لمال غيره ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : "
كَانَ يُؤْتَىٰ بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، فَيَسْأَلُ :
" هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ ؟ " فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ
وَفَاءً صَلَّىٰ عَلَيْهِ ، وَإِلاَّ قَالَ : " صَلُّوا عَلَىٰ صَاحِبِكُمْ
" ، فَلَمَّا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ : " أَنَا أَوْلَىٰ
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ " [ متفق
عليه ] ، فالدين يحرق الجلود ، وعذابه ممدود ، إلى اليوم الموعود ما لم يوف
بالوعود ، فسارعوا يا رعاكم الله بالسداد ، وتذكروا يوم المعاد ، عن جابر
رضي الله عنه قال : توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ، ثم أتينا به رسول
الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه ، فخطا خطىً ثم قال : " أَعَلَيْهِ
دَيْنٌ " قلنا : ديناران ، فلم يصل عليه ، فقال أبو قتادة : الديناران عليّ
يا رسول الله ، فصلى عليه ، فما لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما لقي
أبا قتادة يقول : " ما فَعَلَ الدِّينارَانِ " فقال : إنما مات بالأمس ،
حتى لقيه ذات مرة ، فقال : قد
قضيتهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الآنَ بَرَّدَتْ عَلَيْهِ
جِلْدَهُ " [ أخرجه أحمد ] ، والعجب العجاب ، وما يثير الاستغراب ، أن هناك
ثلة من اللئام ، أميط عن طوياتهم اللثام ، ظنوا خطأً أنهم أذكياء ، وإذا
بهم أغبياء أدنياء ، أكلوا الأموال عدواناً وظلماً ، كذباً وجوراً ، قال
تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ
الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن
تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ
اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً } ، بارك الله لي ولكم فيما أنزل من كتاب ،
ونفعنا بما فيه من آيات وخطاب ، وجعلنا متبعين لسنة النبي الأواب ، أقول ما
سمعتم ، فما كان من حق وصواب ، فالحمد لله الواحد التواب ، وما كان من خطأ
غير مقصود ، فأستغفر الله المعبود ، واستغفروا ربكم ذو الكرم والجود ، إنه
هو الغفور الودود .
الحمد لله الذي لم يزل عزيزا قهّارًا ، بارك ما شاء من عباده حكمةً منه
واختيارًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أعلى لمن عظِّم
حُرُماتِه أقدارًا ، وأنزل للعابثين بالأموال أدواراً ، وأشهد أن نبيّنا
محمّدًا عبده ورسوله خير من رجا لله وقارًا ، صلى الله وسلّم وبارك عليه
وعلى آله وصحبه مهاجرين وأنصارًا ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين .
أمة الإسلام : في خضم تداعيات الحاجة ، وكثرة الناس المحتاجة ، يجب التذكير
بقول العلي الكبير : { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ
مَيْسَرَةٍۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولِ اللّهِ صلى
الله عليه وسلم : " . . . وَمَنْ يَسَّرَ عَلَىٰ مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللّهُ
عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا
كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . . . " [ أخرجه مسلم ] ، فاعلموا
رحمكم الله أن التيسير على المعسر خيره كثير ، وأجره كبير ، وثوابه وفير ،
ولهذا كان من أعظم أنواع التيسير على
الخلق ، إسقاط كامل الحق ، فيا أيها الغني الموسر ، تنازل عن دينك للمعسر ،
أو ضع منه جزءاً وادخر ، وتذكر الثواب واصطبر ، ففي الحديث تسلية للمدكر ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال
: " كان تاجِرٌ يُداينُ الناسَ ، فإذا رأَى مُعسِراً قال لِفتيانهِ :
تجاوَزُوا عنهُ لعلَّ الله أن يَتجاوَزَ عنّا ، فتَجاوَزَ الله عنه " [
متفق عليه واللفظ للبخاري ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أنظر
معسراً ، أو وضع عنه ، أظله الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله " [ أخرجه
مسلم ] ، فأحسنوا أيها الأغنياء ، إلى المعسرين والفقراء ، وارعوا المعوزين
والضعفاء ، تعرضوا لنفحات ربكم ، واشكروه على نعمه التي بين أيديكم ، فقد
قال بارئكم : { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } .
أمة الإسلام : الدين هم مفزع ، مقلق مفجع ، محزن موجع ، يشغل البال ، ويغير
الحال ، يسهر النائم ، وكل في بحره عائم ، وفي حسرته هائم ، فكان لابد لهذا
الهم من زوال ، ولزواله
من نوال ، قلق جارف ، واكتئاب مترادف ، خوفاً من المجهول ، لنيل المأمول ،
فلما كان الأمر بهذه الخطورة ، وتلكم الصعوبة ، فهذه باقة عطرة يافعة ،
وحديقة نبوية يانعة ، نقتطفها من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ،
ليطمئِنَّ في ربوعها المعسر القلِق ، ويأمَنَ في جنَباتها المديون الفَرِق
، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ مُكَاتَباً جَاءَهُ ،
فَقَالَ : إنِّي عَجَزْتُ عَنْ مُكَاتَبَتِي فَأَعِنِّي ، فَقَالَ : أَلاَ
أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ ثَبِيرٍ دَيْناً ، أَدَّاهُ اللَّهُ
عَنْكَ : قُلِ : " اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ ،
وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ " [ أخرجه الترمذي وحسنه الألباني
] ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ : " أَلاَ
أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ
أُحُدٍ دَيْناً أَدَّاهُ اللَّه عَنْكَ ؟ قُلْ يَا مُعَاذُ : " اللَّهُمَّ
مَالِكَ الْمُلْكِ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ
الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ
تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ ، إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ ، رَحْمنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا ، تُعْطِيهِمَا
مَنْ تَشَاءُ ، وَتَمْنَعُ مِنْهُمَا مَنْ تَشَاءُ ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً
تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ " [ أخرجه الطبراني في الصغير
بإسناد جيِّد ، وحسنه الألباني ] ، فحافظوا يا رعاكم الله على هذه الأوراد
، واحفظوا هذه الأذكار ، فهي بإذن الله تعالى تُزيل الهم ، وتُذهب الغم ،
وتشرح الصدر ، وتبسم الثغر ، لاسيما من لزمته الديون والهموم ، وتعلقت به
حقوق العموم ، ثم صلوا وسلموا على البشير الهادي ، علا ذكره في كل سهل
ووادي ، فقد أمركم ربكم بذلك فنادى المنادي ، فقال يا عبادي : " إن الله
وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً "
، اللهم صل وسلم على المصطفى الحبيب ، وعلى آله وصحبه وكل مؤمن بعيد أو
قريب ، أنت الحسيب ، وللدعاء مجيب ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل
الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر
بلاد المسلمين ، اللهم استر عيوبنا ،
وتجاوز عن سيئاتنا ، واعف عن زلاتنا وهفواتنا ، برحمتك يا أرحم الرحمين ،
اللهم اغفر لنا جميع الذنوب والخطايا ، وابسط يديك لنا بالخير والعطايا ،
وجنبنا الآثام والرزايا ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها ، ونعوذ بك من
النار ولهيبها ، اللهم انصر اخواننا المسلمين المجاهدين في سبيلك في كل
مكان ، اللهم اكتب لهم التمكين ، يا قوي يا متين ، اللهم كن لهم مؤيداً
ونصيراً ، ومعيناً وظهيراً ، يارب العالمين ، اللهم عليك بأعداء الملة
والدين ، اللهم أزهق نفوسهم ، وشل أركانهم ، وأفسد عقولهم ، اللهم أخرجهم
من بلاد المسلمين ، أذلة صاغرين ، يا قوي يا عزيز ، اللهم وفق ولي أمرنا
بتوفيقك ، وأيده بتأييدك ، واجعل عمله في رضاك ، اللهم وفقه لكل خير وصلاح
، وارزقه بطانة التوفيق والإصلاح ، يا فالق الإصباح ، ربنا آتنا في الدنيا
حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ،
برحمتك يا عزيز يا غفار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على
المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .