سؤال عن حدود
تعامل المرأة مع طليقها إذا لم تخرج مِن بيتها
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
السؤال :
جزاك الله خيراً
في الحقيقة عندي سؤال
أود أن أستفهم عن وضع المرأة المطلقة في شهور العدة وهي لا تزال في منزل
الزوجية وما هي حدود التعامل بينها وبين مطلقها ؟ هل تحتجب عنه ؟ هل تجب عليه
نفقتها ؟ وهل تلزم بأداء أعمال المنزل وشؤونه الخاصة ؟
أرجو أن يكون السؤال واضحاً مع جزيل الشكر
الجواب :
وجزاك الله خيرا .
1 – المطلّقة إما أن تكون مُطلّقة طلاقا رَجعِيًّا ، لا تزال في عِدّتها ؛ بحيث
يملك الزوج إرجاعها .
وإما أن تكون مُطلّقة طلاقا بائنا .
فالأُولَى ، لا يجوز للزوج أن يُخرجها مِن بَيته ، ولا يجوز لها أن تَخْرُج ،
لقوله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ
رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ
يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) .
قال البغوي في تفسيره : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) أراد به إذا كان
المسكن الذي طَلّقها فيه للزوج ، لا يجوز له أن يُخْرِجها منه . (وَلا
يَخْرُجْنَ) ، ولا يجوز لها أن تَخْرُج ما لم تنقضِ عِدّتها ، فإن خَرَجَتْ
لِغير ضرورة أو حاجَة أَثِمَتْ .
وقال في قوله تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ
أَمْرًا) يُوقِع في قلب الزوج مراجعتها بعد الطلقة والطلقتين . اهـ .
وقال القرطبي في تفسيره (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ
أَمْرًا) : قال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرَّغْبَة في الرَّجْعَة .
اهـ .
وقال ابن عبد البر : أجمعوا أن المطلقة طلاقا يملك فيه زوجها رجعتها أنها لا
تنتقل مِن بيتها . اهـ .
ويَرى جَمْع مِن أهل العلْم أن للمرأة المطلّقة طلاقا رجعيا أن تتجمّل لزوجها .
قال سفيان الثوري : لا بأس أن تتشوّف له وتتزين وتُسلّم ، ولا يستأذن عليها ولا
يؤذنها ، ويؤذنها بالتنحنح .
وقال أبو حنيفة : لا بأس أن تتزين المطلقة الرجعية لِزوجها وتتطيب .
وقال شيخنا العثيمين :
يجب على المرأة المطلقة طلاقاً رجعيا أن تبقى في بيت زوجها ويحرم على زوجها أن
يخرجها منه لقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا
يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ
اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) . وما كان
الناس عليه الآن من كون المرأة إذا طلقت طلاقا رجعيا تنصرف إلى بيت أهلها فورا
، فهذا خطأ ومُحَرَّم ؛ لأن الله قال " لا تخرجوهن - ولا يخرجن " ولم يستثن من
ذلك إلاّ إذا أتين بفاحشة مبينة، ثم قال بعد ذلك : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) . ثم بيّن الحكمة من
وجوب بقائها في بيت زوجها بقوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ
ذَلِكَ أَمْرًا ) .
فالواجب على المسلمين مراعاة حدود الله ، والتمسك بما أمرهم الله به ، وأن لا
يتخذوا من العادات سبيلاً لمخالفة الأمور المشروعة ، المهم أنه يجب علينا أن
نراعي هذه المسألة ، وأن المطلفة الرجعية يجب أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي
عدتها ، وفي هذه الحال في بقائها في بيت زوجها لها أن تكشف له ، وأن تتزين ،
وأن تتجمل ، وأن تتطب ، وأن تكلمه ويكلمها ، وتجلس معه وتفعل كل شيء ما عدا
الاستمتاع بالجماع أو المباشرة ، فإن هذا إنما يكون عند الرجعة ، وله أن
يُرجعها بالقول ، فيقول : راجعت زوجتى ، وله أن يُراجعها بالفعل ، فيجامعها
بنية المراجعة . اهـ .
هذا إذا كانت في العِدّة رجاء أن يُحدِث الله بعد ذلك أمْرا ، وهو المراجعة .
أما إذا انقضت العِدّة ، فإنها تكون أجنبية عنه ، لا يجوز له أن يرى منها شيئا
، ولا أن يخلو بها .
وهُـنا
ماذا يجوز للرجُل مِن زوجته إذا طلّقها طلقة واحدة ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=87653
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد